للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَائِلُ وَالجَوَابُ عَلَيهَا:

- المَسْأَلَةُ الأُولَى: إِذَا صَحَّ طَلَبُ الشَّفَاعَةِ مِنَ النَّبِيِّ فِي حَيَاتِهِ؛ فَهَلْ يَصِحُّ طَلَبُهَا مِنْهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ حَيٌّ فِي قَبْرِهِ، كَمَا ثَبَتَتِ الحَيَاةُ لِلشُّهَدَاءِ، وَرُتْبَةُ الأَنْبِيَاءِ أَعْلَى مِنْ رُتْبَةِ الشُّهَدَاءِ؟

الجَوَابُ مِنْ أَوجُهٍ:

١ - أَنَّ كَونَ النَّبِيِّ حَيٌّ فِي قَبْرِهِ -كَمَا أَنَّ الشُّهَدَاءَ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِم- لَا يَعْنِي ذَلِكَ أَنَّ لَهُم اتِّصَالًا بِالدُّنْيَا! كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [البَقَرَة: ١٥٤] فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ عَدَمِ شُعُورِنَا بِحَيَاتِهِم أَصْلًا، وَكَمَا قَالَ أَيضًا سُبْحَانَهُ: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ [آل عِمْرَان: ١٦٩] فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ صِفَةَ الحَيَاةِ لَهُم هِيَ فِي البَرْزَخِ وَلَيسَتْ فِي الدُّنْيَا.

وَتأَمَّلْ حَدِيثَ: ((أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوضِ، وَلأُنازعَنَّ أقْوَامًا ثمَّ لَأُغْلَبَنَّ عَلَيهِمْ، فأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي أَصْحَابِي! فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ)) (١). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

٢ - كَونُهُم أَحْيَاءَ فِي قُبُورِهِم لَا يَعْنِي سَمَاعَهُم لِمَنْ يَسْتَغِيثُ بِهِم! لِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ [النَّمْل: ٨٠] (٢).


(١) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٦٥٧٦)، وَمُسْلِمٌ (٢٢٩٧) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا.
(٢) وَسَيَأْتِي مُلْحَقٌ وَافٍ فِي عَدَمِ سَمَاعِ الأَمْوَاتِ -إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى-، وَهُوَ مُخْتَصَرُ الآيَاتِ البَيِّنَاتِ فِي عَدَمِ سَمَاعِ الأَمْوَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>