- المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إِذَا كَانَ اللهُ تَعَالَى قَدْ أَعْطَى لِعِيسَى ﵊ آيَاتٍ عَلَى صِدْقِهِ مِنْ إِحْيَاءِ المَوتَى، وَمِنْ عِلْمِ الغَيبِ، وَمِنْ إِبْرَاءِ المَرْضَى؛ فَهَلْ يَجُوزُ دُعَاؤُهُ لِتَحْصِيلِ ذَلِكَ الخَيرِ؟
الجَوَابُ:
لَا يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى عِيسَى ﵊، وَذَلِكَ لِأَسْبَابٍ؛ مِنْهَا:
١ - أَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ الَّتِي جَاءَ بِهَا عِيسَى ﵇ هِي مَقْرُونَةٌ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى كَمَا فِي نَفْسِ سِيَاقِ الآيَاتِ الكَرِيمَاتِ مِنْ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آلِ عِمْرَان: ٤٩]، فَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا اسْتِقْلَالًا، لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ إِظْهَارِ الآيَاتِ عَلَى صِدْقِهِ وَعَلَى تَأْيِيدِ رَبِّهِ لَهُ.
وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [الرَّعد: ٣٨]، وَعَلَى ذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَدْعُوهُ أَحَدٌ مِنْ دُونِ اللهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا يَدْعُو اللهَ تَعَالَى وَحْدَهُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَأْذَنُ بِحُصُولِ الخَيرِ وَدَفْعِ الضُّرِّ.
وَكَذَلِكَ الأَولِيَاءُ الصَّالِحُونَ -إِنْ أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْهُم مَا يُسَمَّى بِالكَرَامَةِ- فَلَا يَعْنِي ذَلِكَ جَوَازَ دُعَائِهِ! لِكَونِهِ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهَا كَمَا يَشَاءُ.
٢ - أَنَّ الاسْتِغَاثَةَ وَالتَّعَلُّقَ بِهِم فِي تَفْرِيجِ الكُرُبَاتِ شِرْكٌ، بَلْ أَصْلُ شِرْكِ العَالَمِينَ هُوَ التَّعَلُّقُ بِالصَّالِحِينَ وَجَعْلُهُم وَسَائِطَ بَينَ اللهِ تَعَالَى وَبَينَ النَّاسِ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute