للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الفَصْلُ الثَّانِي: الوَسَائِلُ الكَونِيَّةُ وَالشَّرْعِيَّةُ:

١ - الوَسِيلَةُ الكَونِيَّةُ: هيَ كُلُّ سَبَبٍ طَبِيعِيٍ يُوصِلُ إِلَى المَقْصُودِ بِخِلْقَتِهِ الَّتِي خَلَقَهَا اللهُ بِهَا، وَيُؤَدِّي إِلَى المَطْلُوبِ بِفِطْرَتِهِ الَّتِي فَطَرَهُ اللهُ عَلَيهَا، وَهيَ مُشْتَرِكَةٌ بَينَ المُؤْمِنِ وَالكَافِرِ مِنْ غَيرِ تَفْرِيقٍ، وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا: المَاءُ؛ فَهُوَ وَسِيلَةٌ إِلَى رِيِّ الإِنْسَانِ، وَالطَّعَاُم وَسِيلَةٌ إِلَى شَبَعِهِ، وَاللِّبَاسُ وَسِيلَةٌ إِلَى حِمَايَتِهِ مِنَ الحَرِّ وَالقَرِّ، وَالسَّيَّارَةُ وَسِيلَةٌ إِلَى انْتِقَالِهِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، وَهَكَذَا.

٢ - الوَسِيلَةُ الشَّرْعِيَّةُ: هيَ كُلُّ سَبَبٍ يُوصِلُ إِلَى المَقْصُودِ عَنْ طَرِيقِ مَا شَرَعَهُ اللهُ تَعَالَى وَبَيَّنَهُ فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَهيَ خَاَّصٌة بِالمُؤْمِنِ المُتَّبِعِ أَمْرَ اللهِ وَرَسُولِهِ.

وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا: النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَينِ -بِإِخْلَاصٍ وَفَهْمٍ- وَسِيلَةٌ إِلَى دُخُولِ الجَنَّةِ وَالنَّجَاةِ مِنَ الخُلُودِ فِي النَّارِ، وَإِتْبَاعُ السَّيِّئَةِ الحَسَنَةَ وَسِيلَةٌ إِلَى مَحْوِ السَّيِّئَةِ، وَقَولُ الدُّعَاءِ المَأْثُورِ بَعْدَ الأَذَانِ وَسِيلَةٌ إِلَى نَيلِ شَفَاعَةِ النَّبِيِّ ، وَصِلَةُ الأَرْحَامِ وَسِيلَةٌ لِطُولِ العُمُرِ وَسِعَةِ الرِّزْقِ، وَهَكَذَا.

فَهَذِهِ الأُمُورُ وَأَمْثَالُهَا إِنَّمَا عَرَفْنَا أَنَّهَا وَسَائِلُ تُحَقِّقُ تِلْكَ الغَايَاتِ وَالمَقَاصِدِ عَنْ طَرِيقِ الشَّرْعِ وَحْدَهُ؛ لَا عَنْ طَريقِ العِلْمِ أَوِ التَّجْرِبَةِ أَوِ الحَوَاسِّ، فَنَحْنُ لَمْ نَعْلَمْ أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ تُطِيلُ العُمُرَ وَتُوَسِّعُ الرِّزْقَ إِلَّا مِنْ قَولِهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيهِ: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)) (١).

٣ - كَيفَ تُعْرَفُ صِحَّةُ الوَسَائِلِ وَمَشْرُوعِيَّتُهَا:


(١) البُخَارِيُّ (٥٩٨٥)، وَمُسْلِمٌ (٢٥٥٧) عَنْ أنسِ بْنِ مالكٍ مَرْفُوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>