للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الفَصْلُ السَّادِسُ: فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ فِي المَسَاجِدِ المَبْنِيَّةِ عَلَى القُبُورِ:

اعْلَمْ أَنَّ كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ المَسَاجِدِ هُوَ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ بَينَ العُلَمَاءِ، وَإنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي بُطْلَانِهَا. وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الحَنَابِلَةِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ.

وَالحُكْمُ هُوَ عَلَى دَرَجَاتٍ:

١ - مَنْ تَقَصَّدَ المَسْجِدَ لِأَجْلِ القَبْرِ؛ فَالصَّلَاةُ مُحَرَّمَةٌ، بَلْ وَبَاطِلَةٌ (١).

٢ - مَنْ لَمْ يَتَقَصَّدِ المَسْجِدَ لِأَجْلِ القَبْرِ؛ فَيُقَالُ: إِنَّ الصَّلَاةَ مَنْهيٌّ عَنْهَا، وَلَكِنْ لَا يَظْهَرُ البُطْلَانُ (٢).

٣ - مَنْ لَمْ يَتَقَصَّدِ المَسْجِدَ لِأَجْلِ القَبْرِ، وَإنَّمَا صَلَّى اتِّفَاقًا -أَي صَادَفَ القَبْرَ-؛ فَهَذَا إِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُدْرِكَ الجَمَاعَةَ فِي غَيرِهِ مِنَ المَسَاجِدِ كَانَ هَذَا هُوَ الوَاجِبَ فِي حَقِّهِ، وَإلَّا صَلَّى فِيهِ لِإِدْرَاكِ مَصْلَحَةِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ الوَاجِبَةِ فِي حَقِّهِ (٣).


(١) خَاصَّةً أَنَّ عِلَّةَ النَّهْي عَنِ اتِّخَاذِ القَبْرِ مَسْجِدًا هِيَ نَفْسُ تِلْكَ المَوجُودَةِ فِي هَذَا التَّقَصُّدِ، وَهِيَ الافْتِتَانُ بِالميِّتِ وَالتَّعَلُّقُ بِهِ دُونَ اللهِ تَعَالَى؛ سَوَاءً كَانَ المُسَمَّى بِذَلِكَ القَصْدِ شَفَاعَةً أَو تَوَسُّلًا إِلَى اللهِ تَعَالَى.
(٢) قُلْتُ: وَلَعلَّهُ أَيضًا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ ، حَيثُ قَالَ فِي كِتَابِهِ الأُمُّ (١/ ٣١٧): "وَأَكْرَهُ أَنْ يُبْنَى عَلَى القَبْرِ مَسْجِدٌ؛ وَأَنْ يُسَوَّى، أَو يُصَلَّى عَلَيهِ وَهُوَ غَيرُ مُسَوَّى -يَعْنِي أَنَّهُ ظَاهِرٌ مَعْرُوفٌ- أَو يُصَلَّى إِلَيهِ. قَالَ: وَإِنْ صَلَّى إِلَيهِ أَجْزَأَهُ؛ وَقَدْ أَسَاءَ ".
وَقَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ فِي الكِتَابِ: "إِنَّ المَسْأَلَةَ بِحَاجَةٍ لِتَوسِيعٍ أَكْثَرَ فِي البَحْثِ، عِلْمًا أَنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِ الحَنَابِلَةِ -كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ القيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- هُوَ البُطْلَانُ".
(٣) أَفَادَهُ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ فِي أَشْرِطَةَ فَتَاوَى سِلْسِلَةِ الهُدَى وَالنُّورِ (ش ٥٤٣)، وَهُوَ عَلَى قَاعِدَةِ: (مَا حُرِّمَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ؛ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لِلمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>