للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْحُ

- كَلَامُ المُصَنِّفِ لَيسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، بَلْ يُقيَّدُ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيهِ المُسْتَغَاثُ بِهِ مِمَّا يَخْتَصُّ اللهُ تَعَالَى بِهِ، فَمَا كَانَ للهِ تَعَالَى لَا يُطْلَبُ مِنْ غَيرِهِ.

وَتَأَمَّلْ قَولَهُ تَعَالَى: ﴿قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشُّعَرَاء: ٩٦ - ٩٨]. فَتَسْوِيَتُهُم بَينَ مَعْبُودَاتِهِم وَبَينَ اللهِ تَعَالَى هُوَ سَبَبُ دُخُولِهِم النَّارَ، عِلْمًا أَنَّهُم لَمْ يَعْتَقِدُوا فِيهِم الرُّبوبيّةَ! فَصَارَ فِي ذَلِكَ التَّدْلِيلُ عَلَى أَنَّ دُعَاءَ غَيرِ اللهِ فِيمَا كَانَ للهِ هُوَ الكُفْرُ الأَكْبَرُ الَّذِي لَا يُغْفَرُ.

وَتَأَمَّلْ قَولَهُ تَعَالَى أَيضًا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الأَعْرَاف: ١٩٤].

- الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ: وَدَلَّ لِذَلِكَ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ.

فَفِي الحَدِيثِ: ((الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ)) ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غَافِر: ٦٠] (١).

- الدُّعَاءُ نَوعَانِ:

١ - دُعَاءُ عِبَادَةٍ: كَالصَّومِ وَالصَّلَاةِ وَغَيرِ ذَلِكَ مِنَ العِبَادَاتِ.

وَسُمِّيَ دُعَاءً؛ لِأَنَّهُ دَاعٍ بِلِسَانِ حَالِهِ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ يُرِيدُ الجَنَّةَ وَالبُعْدَ عَنِ النَّارِ؛ فَإِنَّهُ يُحَافِظُ عَلَى أَعْمَالِ الطَّاعَةِ للهِ، فَهُوَ دَاعٍ فِي الجُمْلَةِ، وَكَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ


(١) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٩٦٩) عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٣٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>