(٢) وَهَذَا الإِنْكَارُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الجُحُودِ مِنْهُم وَلَيسَ الجَهْلِ، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ﴾ [يس: ١٥] فَصِفَةُ الرَّحْمَنِ مَعْرُوفَةٌ نِسْبَتُهَا إِلَى الرَّبِّ سُبْحَانَهُ.وَقَدْ وَرَدَتْ أَشْعَارٌ مِنْ أَشْعَارِ الجَاهِلِيَّةِ أَيضًا فِيهَا ذِكْرُ الرَّحْمَنِ وَالإِقْرَارِ بِهِ وتَسميَتِهِ سُبْحَانَهُ بِهِ، كَمَا فِي لِسَانِ العَرَبِ (٦/ ٢١٤) نَقْلًا عَنِ امْرِئِ القَيسِ (ت ٨٠ ق. هـ): "تِلْكَ السَّحَابُ إِذَا الرَّحْمَنُ أَنْشَأَهَا … رَوَّى بِهَا مِنْ مَحُولِ الأَرْضِ أَنْفَاسًا".وَ (المَحْلُ): الجُوعُ الشَّدِيدُ؛ كَمَا في لِسَانِ العَرَبِ (١١/ ٦١٦).قَالَ الطَّبَرِيُّ ﵀ فِي تَفْسِيرِهِ (١/ ١٣١): "وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الغَبَاءِ أَنَّ العَرَبَ كَانَتْ لَا تَعْرِفُ (الرَّحْمَنَ)؛ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي لُغَتِهَا! "(٣) وَتَوحِيدُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ هُوَ النَّوعُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ التَّوحِيدِ، وَهُوَ فِي الحَقِيقَةِ دَاخِلٌ فِي تَوحِيدِ الرُّبُوبيَّةِ، وَمِنْ أَجْلِ هَذَا بَعْضُ العُلماءِ يُجْمِلُ وَيَجْعَلُ التَّوحِيدَ نَوعَينِ:تَوحِيدًا فِي المَعْرِفَةِ وَالإِثْبَاتِ؛ وَهُوَ تَوحِيدُ الرُّبُوبيَّةِ وَالأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَهُوَ التَّوحِيدُ العِلْمِيُّ الخَبَرِيُّ.وَتَوحِيدًا فِي الطًّلبِ وَالقَصْدِ؛ وَهُوَ التَّوحِيدُ العَمَلِيُّ الطَّلَبِيُّ، وَهُوَ تَوحِيدُ الأُلُوهِيَّةِ.وَلَكِنْ لَمَّا وُجِدَتْ طَوَائِفُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ افْتَرَقَتْ عَنْ مَذْهَبِ السَّلَفِ وَصَارَ لَهَا رَأْيٌ فِي الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ تُخَالِفُ بِهِ الحَقَّ؛ جُعِلَ هَذَا قِسْمًا ثَالِثًا مِنْ أَجْلِ الرَّدِّ عَلَيهِم وَبَيَانِهِ لِلنَّاسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute