للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَنَفْيُ الصِّفَاتِ تَعْطِيلٌ، وَتَمَامُ التَّعْطِيلِ نَفيُ وُجُودِ الرَّبِّ أَصْلًا! لِأَنَّ عَدَمَ الصِّفَاتِ عَدَمٌ لِلمَوصُوفِ، فَكُلُّ مَا لَا صِفَةَ لَهُ؛ عَدَمٌ.

قَالَ نُعَيمُ بْنَ حَمَّادٍ: "أَنَا كُنْتُ جَهْمِيًّا؛ فَلِذَلِكَ عَرَفْتُ كَلَامَهُم، فَلَمَّا طَلَبْتُ الحَدِيثَ؛ عَرَفتُ أَنَّ أَمرَهُم يَرْجِعُ إِلَى التَّعْطِيلِ" (١).

- إنَّ الإِيمَانَ بِالأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَمَعْرِفَةَ آثَارِهِمَا فِي مَلَكوتِ اللهِ تَعَالَى يُقُوَيَّانِ اليَقِينَ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَهُمَا سَبَبَانِ لِمَعْرِفَةِ اللهِ تَعَالَى وَلِمَا يَنْتُجُ عَنْهُمَا مِنَ المَحَبَّةِ وَالخَشيَةِ وَالتَّقوى وَالعَمَلِ.

- الظَّاهِرُ مِنْ إِيرَادِ المُصَنِّفِ لِلآيَةِ الكَرِيمَةِ هُوَ بَيَانُ أَنَّ عَدَمَ الإِقْرَارِ بِأَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ هُوَ كُفْرٌ بِاللهِ تَعَالَى، ثُمَّ أَورَدَ بَعْدَهَا أَثَرَ عَلِيٍّ لِبَيَانِ أَنَّ


(١) اُنْظُرْ سِيَرَ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (١٠/ ٥٩٧) لِلحَافِظِ الذَّهَبِيِّ عِنْدَ تَرْجَمَةِ نُعَيمِ بْنِ حَمَّادٍ -وَهُوَ شَيخُ البُخَارِيِّ- (ت ٢٢٩ هـ).
وَأَورَدَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ أَيضًا فِي السِّيَرِ (٢١/ ٣٧٦) -عِنْدَ تَرْجَمَةِ أَبِي الفَرَجِ ابْنِ الجَوزِيِّ، (ت ٥٩٧ هـ) - قَولَهُ : "أَهْلُ الكَلَامِ يَقُولُونَ: مَا فِي السَّمَاءِ رَبٌّ! وَلَا فِي المُصْحَفِ قُرْآنٌ! وَلَا فِي القَبْرِ نَبِيٌّ! ثَلَاثُ عَورَاتٍ لَكُم".
وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي كِتَابِهِ الصَّوَاعِقُ المُرْسَلَةُ عَلَى الجَهْمِيَّةِ وَالمُعَطِّلَةِ (١/ ١٤٨): "المُعَطِّلُ يَعْبُدُ عَدَمًا، وَالمُمَثِّلُ يَعْبُدُ صَنَمًا، وَالمُوَحِّدُ يَعْبُدُ رَبًّا لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ؛ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى وَالصِّفَاتُ العُلَى".
وَقَالَ ابْنُ خُزَيمَةَ فِي كِتَابِهِ التَّوحِيدُ (١/ ١١): "أَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِهِ مِنْ ذِكْرِ صِفَاتِ خَالِقِنَا: ذِكْرُ نَفْسِهِ؛ جَلَّ رَبُّنَا عَنْ أَنْ تَكُونَ نَفْسُهُ كَنَفْسِ خَلْقِهِ، وَعَزَّ عَنْ أَنْ يَكُونَ عَدَمًا لَا نَفْسَ لَهُ"!
قُلْتُ: وَهَذَا عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ النَّفْسَ صِفَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَلَيسَتْ نَفْسَهَا الذَّاتُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>