للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَا الوَحْيُ وَمَا الإِلْهَامِ؟

الجَوَابُ:

الوَحْيُ لُغَةً: هُوَ الإِعْلَامُ بِسُرْعَةٍ وخَفَاءٍ، وَهُوَ نَوعَانِ: وَحْيُ إِلْهَامٍ، وَوَحْيُ إِرْسَالٍ.

فَوَحْيُ الإِلْهَامِ: هُوَ كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾ [النَّحل: ٦٨]، وكَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَوْحَينَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾ [القَصَص: ٧].

وَأَمَّا وَحْيُ الإِرْسَالِ: فَهُوَ الَّذِي يَنْزِلُ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى الرُّسُلِ، وَهَذَا الوَحْيُ قَدْ يَكُونَ مَا يُخَاطَبُ بِهِ النَّبِيُّ مُشَافَهَةً وَيَرَاهُ بِعَينِهِ (١)، وَقَدْ يَكُونُ مَا يُبَثُّ فِي نَفْسِهِ (٢).

وَإِذَا أُطْلِقَ لَفْظُ الوَحْيِّ فَالأَصْلُ أَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ مَا كَانَ مِنَ اللهِ تَعَالَى جَزْمًا (٣)، رُغْمَ أَنَّهُ قَدْ يٌقْصَدُ بِهِ أَحْيَانًا الإِلْهَامُ، أَو تَزْيِينُ الشَّيَاطِينِ (٤).


(١) كَمَا فِي الحَدِيثِ: (كَانَ جَبْرَائِيلُ يَأْتِي النَّبِيَّ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الكَلْبِيِّ). صَحِيحٌ. ابْنُ سَعْدٍ (٤/ ٢٥٠) عَنِ ابْنِ عُمَرَ. اُنْظُرِ التَّعْلِيقَ عَلَى حَدِيثَ الصَّحِيحَةِ (١١١١).
قُلْتُ: وَالمَعْنَى أَنَّ جِبْرَائِيلَ كَانَ أَشْبَهَ بِدِحْيَةَ الكَلْبِيِّ؛ لَا أَنَّهُ هُوَ دِحْيَةُ الكَلْبِيُّ! كَمَا فِي لَفْظِ ابْنِ سَعْدٍ (٤/ ٢٥٠) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (١١١١).
(٢) كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((إنَّ رُوحَ القُدْسِ نَفَثَ فِي رُوعِي؛ أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا وأَجَلَهَا)). صَحِيحٌ. الحَاكِمُ (٢١٣٦) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٢٨٦٦).
(٣) كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الشُّورَى: ٥١].
(٤) كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ [الأَنْعَام: ١١٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>