للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْحُ

- الرِّيَاءُ حَقِيقَتُهُ مِنَ الرُّؤيَةِ البَصَرِيَّةِ، وَيَكُونُ أَيضًا مِنَ السَّمْعِ؛ فَيُسَمَّى سُمْعَةً، كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((مَن سَمَّع سَمَّعَ اللهُ به، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللهُ بِهِ)) (١).

- الرِّيَاءُ هُوَ شِرْكٌ أَصْغَرُ، وَهُوَ أَيضًا شِرْكٌ خَفيٌّ، فَهُوَ أَصْغَرُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَيسَ بِأَكْبَرَ، أَي: لَيسَ فَاعِلُهُ كَافِرًا بِاللهِ تَعَالَى خَارِجًا عَنِ المِلَّةِ.

وَهُوَ شِرْكٌ خَفِيٌّ (٢) بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَيسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّه يُخَالِطُ نِيَّةَ العَبْدِ وَلَيسَ عَمَلَهُ (٣).

- أَنْوَاعُ الرِّيَاءِ (٤):

١ - رِيَاءُ المُنَافِقِينَ: بِأَنْ يُظْهِرَ الإِسْلَامَ وَيُبْطِنَ الكُفْرَ، فَالرِّيَاءُ هَذَا هُوَ فِي أَصْلِ الدِّينِ.


(١) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٦٤٩٩)، وَمُسْلِمٌ (٢٩٨٦) مِنْ حَدِيثِ جُنْدُبٍ مَرْفُوعًا.
وَفِي رِوَايَةٍ لَأَحْمَدَ (٣٨٣٩) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: ((مَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ؛ سَمَّعَ اللهُ بِهِ سَامِعَ خَلْقِهِ))، وَالمَعْنَى: أَظْهَرَ اللهُ عَنْهُ مَا يَنطَوي عَلَيهِ مِنْ قُبْحِ السَّرَائِرِ.
(٢) وَعِنْدَ ابْنِ خُزَيمَةَ (٩٣٧) عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ فَقَالَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَشِرْكَ السَّرَائِرِ)). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا شِرْكُ السَّرَائِرِ؟ قَالَ: ((يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي؛ فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ جَاهِدًا لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ النَّاسِ إِلَيهِ، فَذَلِكَ شِرْكُ السَّرَائِرِ)). حَسَنٌ. صَحِيحُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ (٣١).
(٣) وَتَأَمَّلِ الحَدِيثَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ: ((يَا أَبَا بَكْرٍ، لَلشِّرْكُ فِيكُمْ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ))، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَلِ الشِّرْكُ إِلَّا مَنْ جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ؟ قَالَ النَّبِيُّ : ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَلشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى شَيءٍ إِذَا قُلْتَهُ ذَهَبَ عَنْكَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ؟)) قَالَ: ((قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ)). صَحِيحٌ. الأَدَبُ المُفْرَدُ (٧١٦). صَحِيحُ الأَدَبِ المُفْرَدِ (٥٥٤).
(٤) مُسْتَفَادٌ مِنَ التَّمْهِيدِ (ص ٥٢) لِلشَّيخِ صَالِحِ آلِ الشَّيخ حَفِظَهُ اللهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>