للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي عَدَمِ جَوَازِ الاسْتِغْفَارِ لِمَنْ مَاتَ مُشْرِكًا؛ جَاءَ فِي البُخَارِيِّ (١): أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى عَلَى رَأْسِ المُنَافِقِينَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ؛ وَقَالَ: ((إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَو أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ فَغُفِرَ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيهَا))؟!

فَمَا الجَوَابُ عَنْ هَذَا؟

الجَوَابُ:

إِنَّ هَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الأَمْرِ ثُمَّ نُهِيَ عَنْهُ، وَدَلَّ لِذَلِكَ الحَدِيثُ بِتَمَامِهِ فِي البُخَارِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ؛ قَالَ: لمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبيِّ بْنِ سَلُولٍ وَدُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللهِ لِيُصَلِّيَ عَلَيهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ وَثَبْتُ إِلَيهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَتُصلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَقَدْ قَالَ كَذَا وكَذَا يَومَ كَذَا وَكَذَا؟! أُعَدِّدُ عَلَيهِ قَولَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ ، وَقَالَ: ((أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ) فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيهِ قَالَ: ((أَمَا إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَو أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ لَهُ؛ لَزِدْتُ عَلَيهَا) قَالَ: فَصَلَّى عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمكُثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةَ: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [التَّوبَة: ٨٤] قَالَ: فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللهِ يَومَئِذٍ! وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ). وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ: فَمَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ بَعْدَهُ عَلَى مُنَافِقٍ، وَلَا قَامَ عَلَى قَبْرِهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ (٢).

قُلْتُ: فَيَكُونُ الاسْتِغْفَارُ -اليَومَ- لِمَنْ مَاتَ مُشْرِكًا هُوَ مِنَ الاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ،


(١) البُخَارِيُّ (١٣٦٦).
(٢) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٣٠٩٧). صَحِيحُ التِّرْمِذِيِّ (٣٠٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>