للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْحُ

- هَذَا البَابُ يَصْلُحُ أَنْ يُسَمَّى بِـ (بَابِ مَنْ تَعَلَّقَ بِالصَّالِحِينَ)، وَأَدِلَّتُهُ مِنْ بَابِ قِيَاسِ الأَولَى، وَقَدْ جَعَلَهُ المُصَنِّفُ بَعْدَ البَابَينِ السَّابِقَينِ لِبَيَانِ العِلَّةِ فِي النَّهْي عَنْ دُعَاءِ غَيرِ اللهِ تَعَالَى، فَهُوَ مِنْ بَابِ الاسْتِدْلَالِ بِتَوحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ عَلَى تَوحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ.

- وَجْهُ اسْتِدْلَالِ المُصَنِّفِ فِي هَذَا البَابِ هُوَ مِنْ جِهَتَينِ:

١ - جِهَةٍ عَامَّةٍ: وَهِيَ مِنَ الآيَتَينِ، وَفِيهَا أَنَّ الخَالِقَ الَّذِي بِيَدِهِ كُلُّ شَيءٍ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ وَيُدْعَى وَحْدَهُ (١).

٢ - جِهَةٍ خَاصَّةٍ: وَهِيَ مِنَ الأَحَادِيثِ، وَفِيهَا الاسْتِدْلَالُ بِقِيَاسِ الأَولَى، حَيثُ أَورَدَ النُّصُوصَ فِي حَقِّ النَّبِيِّ وَالتِي تُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مِنَ الأَمْرِ شَيئًا وَلَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ؛ فَصَارَ غَيرُهُ مِنْ بَابِ أَولَى.

- قَولُهُ: ﴿أَيُشْرِكُونَ﴾ الاسْتِفْهَامُ هُنَا لِلإِنْكَارِ وَالتَّوبِيخِ. وَالمَقْصُودُ هُنَا بِـ ﴿أَيُشْرِكُونَ﴾ أَي: فِي العِبَادَةِ.

- الاسْتِدْلَالُ فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿أَيُشْرِكُونَ﴾ هُوَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوجُهٍ؛ هِيَ:

١ - أَنَّ آلِهَةَ المُشْرِكِينَ لَا تَخْلُقُ؛ وَمَنْ لَا يَخْلُقُ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ (٢).


(١) وَهَذِهِ مِنَ الأَدِلَّةِ العَقْلِيَّةِ الَّتِي دَلَّ الشَّرْعُ إِلَى الاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى وَحْدَانيَّةِ اللهِ تَعَالَى فِي أُلُوهِيَّتِهِ.
(٢) وَكَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النَّحْل: ١٧]،
وَكَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ [يُونُس: ٣١ - ٣٢]، يَعْنِي: أَتُقِرُّونَ بِذَلِكَ فَلَا تَتَّقُونَ الشِّرْكَ بِهِ!.

<<  <  ج: ص:  >  >>