- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَا الجَوَابُ عَنْ أَدِلَّةِ الفِرْقَتَينِ الضَّالَّتَينِ فِي مَسَائِلِ القَدَرِ؟
حَيثُ كَانَتْ أَدِلَّةُ الفِرْقَةِ الأُولَى (الجَبْرِيَّةِ) -بِإِيجَازٍ-:
قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصَّافَّات: ٩٦] (١).
وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا رَمَيتَ إِذْ رَمَيتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ [الأَنْفَال: ١٧]، فَنَفَى اللهُ الرَّمْيَ عَنْ نَبِيِّهِ حِينَ رَمَى وَأَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ!
وَكَانَتْ أَدِلَّةُ الفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ (المُعْتَزِلَةِ القَدَرِيَّةِ) -بِإِيجَازٍ-:
قَولُهُ تَعَالَى: ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ [آل عِمْرَان: ١٥٢]، وَكَقَولِهِ تَعَالَى أَيضًا: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾ [التَّكْوِير: ٢٨]، وَكَقَولِهِ تَعَالَى أَيضًا: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فُصِّلَت: ٤٦] وَنَحْوِهَا مِنَ النُّصُوصِ القُرْآنِيَّةِ وَالنَّبَوِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ لِلعَبْدِ إِرَادَةً وَمَشِيئَةً خَاصَّةً بِهِ، وَأَنَّهُ هُوَ العَامِلُ الكَاسِبُ الرَّاكِعُ السَّاجِدُ وَنَحْو ذَلِكَ.
وَقَالُوا أَيضًا: إِنَّ هَذَا فِيهِ نِسْبَةَ الفَحْشَاءِ -بِزَعْمِهِم- إِلَى اللهِ تَعَالَى! فَمَعْصِيَةُ العَبْدِ لَا يَجُوزُ أَنْ تُنْسَبَ إِلَيهِ تَعَالَى!
الجَوَابُ عَلَى اسْتِدْلَالِ الفِرْقَةِ الأُولَى:
١ - قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ هُوَ حُجَّةُ عَلَيهِم، لِأَنَّهُ تَعَالَى أَضَافَ العَمَلَ إِلَيهِم، وَأَمَّا كَونُ اللهِ تَعَالَى خَالِقُهُ؛ فَلِأَنَّ عَمَلَ العَبْدِ حَاصِلٌ بِإِرَادَتِهِ الجَازِمَةِ وَقُدْرَتِهِ التَّامَّةِ، وَالإِرَادَةُ وَالقُدْرَةُ مَخْلُوقَتَانِ للهِ ﷿؛ فَكَانَ بِهِمَا الفِعْلُ مَخْلُوقًا أَيضًا للهِ تَعَالَى.
(١) وَهُوَ عَلَى تَوجِيهِ أَنَّ العَمَلَ هُنَا هُوَ صِفَةُ العَبْدِ القَائِمَةِ بِهِ؛ وَلَيسَ المَعْمُولَ؛ أَي: الأَصْنَامَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute