(٢) قُلْتُ: وَمِنْ هَذَا البَابِ مَا يُتَنَاقَلُ عَلَى لِسَانِ العَامَّةِ فَضْلًا عَنِ الخَاصَّةِ مِنْ أَنَّهُم يَنْسِبُونَ أَفْعَالًا قَامَتْ بِالعِبَادِ إِلَى اللهِ تَعَالَى كَقَولِ المَرِيضِ: (شَفَانِي اللهُ تَعَالَى) بَعْدَ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَعَاطَى عِلَاجَ الطَّبِيبِ، وَمِثْلُ أَنْ يَقُولَ: (أَعْطَانِي اللهُ هَذَا المَالَ) مَعَ أَنَّهُ وَرِثَهُ أَو كَسِبَهُ مِنْ عَمَلٍ أَو تِجَارَةٍ وَنَحْو ذَلِكَ، فَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ فِي سِيَاقِ إِظْهَارِ نِعْمَةِ المُنْعِمِ بِذَلِكَ وَهُوَ اللهُ ﵎، وَلَا يَخْفَى أَنَّ عِلَاجَ الطَّبِيبِ إِنَّمَا أَخَذَ أَثَرَهُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى، بَلْ طِبُّ الطَّبِيبِ إِنَّمَا كَانَ بِتَعْلِيمِ اللهِ تَعَالَى لَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النَّحْل: ٧٨]، وَأَيضًا هِبَةُ المَالِ أَو كَسْبُهُ فِي التِّجَارَةِ إِنَّمَا تَمَّ بِتَعْلِيمِ وَتَيسِيرِ اللهِ لِهَذَا المَالِ إَلَى أَنْ يَقَعَ فِي يَدِ ذَلِكَ التَّاجِرِ أَوِ الوَارِثِ أَوِ الكَاسِبِ، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ [النُّور: ٣٣].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute