للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَا حُكْمُ زِيَارَةِ النِّسَاءِ لِلمَقَابِرِ؟

الجَوَابُ:

فِيهَا خِلَافٌ بَينَ أَهْلِ العِلْمِ، وَقَدْ ذَهَبَ الأَكْثَرُ إِلَى الجَوَازِ مَعَ الكَرَاهَةِ (١) (٢) -وَهُوَ الأَرْجَحُ- وَتَدُلُّ لَهُ أُمُورٌ، مِنْهَا (٣):

١ - عُمُومُ قَولِهِ : ((إِنِّي كُنْتُ نَهَيتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ؛ فَزُورُوهَا (٤) فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُم الآخِرَةَ)) (٥) (٦).


(١) وَتَوَسَّعَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ فِي عُمُومِ النَّهْي حَتَّى لِزِيَارَةِ حُجْرَةِ النَّبِيِّ فِي المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ.
(٢) قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ فِي المَجْمُوعِ (٥/ ٣١٠): "وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الجُمْهُورُ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ لَهُنَّ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ".
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيلِ (٤/ ١٣٤): "وذَهَبَ الأَكْثَرُ إِلَى الجَوَازِ إِذَا أُمْنَتِ الفِتْنَةُ. قَالَ القُرْطُبِيُّ: اللَّعْنُ المَذْكُورُ فِي الحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ لِلمُكْثِرَاتِ مِنَ الزِّيَارَةِ لِمَا تَقْتَضِيهِ الصِّيغَةُ مِنَ المُبَالَغَةِ، وَلَعَلَّ السَّبَبَ مَا يُفْضِي إِلَيهِ ذَلِكَ مِنْ تَضْيِيعِ حَقِّ الزَّوجِ وَالتَّبَرُّجِ وَمَا يَنْشَأُ مِنَ الصِّيَاحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَدْ يُقَالُ: إِذَا أُمِنَ جَمِيعُ ذَلِكَ فَلَا مَانِعَ مِنَ الإِذْنِ لَهُنَّ؛ لِأَنَّ تَذَكُّرَ المَوتِ يَحْتَاجُ إِلَيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ. انْتَهَى. وَهَذَا الكَلَامُ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ فِي الجَمْعِ بَينَ أَحَادِيثِ البَابِ المُتَعَارِضَةِ فِي الظَّاهِرِ".
(٣) وَالأَدِلَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كِتَابِ (أَحْكَامُ الجَنَائِزِ) (ص ١٨٠) لِلشَّيخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَقَالَ فِيهِ أَيضًا: "وَالنِّسَاءُ كَالرِّجَالِ فِي اسْتِحْبَابِ زِيَارَةِ القُبُورِ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُنَّ الإِكْثَارُ مِنْ زِيَارَةِ القُبُورِ وَالتَّرَدُّدِ عَلَيهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُفْضِي بِهِنَّ إِلَى مُخَالَفَةِ الشَّرِيعَةِ مِنْ مِثْلِ الصِّيَاحِ وَالتَّبَرُّجِ وَاتِّخَاذِ القُبُورِ مَجَالِسَ لِلنُّزْهَةِ، وَتَضْيِيعِ الوَقْتِ فِي الكَلَامِ الفَارَغِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ اليَومَ فِي بَعْضِ البِلَادِ الإِسْلَامِيَّةِ، وَهَذَا هُوَ المُرَادُ -إِنْ شَاءَ اللهُ- بِالحَدِيثِ المَشْهُورِ: ((لَعَنَ رَسُولُ اللهِ -وَفِي لَفْظٍ: لَعَنَ اللهُ- زَوَّارَاتِ القُبُورِ)) ".
(٤) وَالأَمْرُ هُنَا لَيسَ لِلوُجُوبِ، وَلَكِنَّهُ عَلَى قَاعِدَةِ: (الأَمْرُ بَعْدَ النَّهْي يُفِيدُ مُطْلَقَ الإِبَاحَةِ).
(٥) مُسْلِمٌ (١٩٧٧)، وَالتِّرْمِذِيُّ (١٠٥٤) عَنْ بُرَيدَةَ مَرْفُوعًا.
(٦) وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ بِحَدِيثِ ((لَعَنَ اللهُ زَائِرَاتِ القُبُورِ)) وَذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا الحَدِيثَ مُخَصِّصٌ لِلحَدِيثِ السَّابِقِ، وَلَكِنْ أَيضًا يُجَابُ عَلَى جَوَابِهِم بِأُمُورٍ؛ مِنْهَا:
أ- أَنَّ حَدِيثَ الإِبَاحَةِ هُوَ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ نَهْي النِّسَاءِ الَّذِي فِيهِ اللَّعْنُ.
=

<<  <  ج: ص:  >  >>