للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هَلِ الاسْتِشْفَاعُ إِلَى اللهِ بِالمَخْلُوقِ هُوَ نَفْسُهُ التَّوَسُّلُ بِالمَخْلُوقِ عِنْدَ اللهِ؟

الجَوَابُ:

لَا، فَالأوَّلُ هُوَ سُؤَالٌ لِغَيرِ اللهِ تَعَالَى وَهُوَ شِرْكٌ أَكْبَرُ؛ وَعَلَيهِ نُصُوصُ البَابِ.

أَمَّا الثَّانِي؛ فَهُوَ سُؤَالٌ للهِ تَعَالَى بِطَرِيقَةٍ بِدْعِيَّةٍ، وَهُوَ مِنَ الاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ، وَهُوَ مِنِ الوَسَائِلِ وَالذَرَائِعِ الَّتِي تُفْضِي إِلَى الشِّرْكِ، وَالدُّعَاءُ بِهَيئَةٍ لَمْ تَرِدْ فِي الشَّرِيعَةِ يَكُونُ اعْتِدَاءً، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [الأَعْرَاف: ٥٥] (١).

وَفِي الحَدِيثِ عَنِ ابْنٍ لِسَعْدٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا أَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الجَنَّةَ وَنَعِيمَهَا وَبَهْجَتَهَا وَكَذَا وكَذَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَسَلَاسِلِهَا وَأَغْلَالِهَا وَكَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: يَا بُنيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: ((سَيَكُونُ قَومٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ))، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ. إِنْ أُعْطِيتَ الجَنَّةَ؛ أُعْطِيتَهَا وَمَا فِيهَا مِنَ الخَيرِ، وَإِنْ أُعِذْتَ مِنَ النَّارِ؛ أُعِذْتَ مِنْهَا وَمَا فِيهَا مِنَ الشَّرِّ (٢).


(١) قَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ فِي كِتَابِهِ التَّوَسُّلُ (ص ١٣٣): "إِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَحْمِلُ بَعْضَ العُلَمَاءِ وَالمُحَقِّقِينَ عَلَى المُبَالَغَةِ فِي إِنْكَارِ التَّوَسُّل بِذَوَاتِ الأَنْبِيَاءِ وَاعْتِبَارِهِ شِرْكًا، وَإِنْ كَانَ هُوَ نَفْسُهُ لَيسَ شِرْكًا عِنْدَنَا؛ بَلْ يُخْشَى أَنْ يُؤَديَ إِلَى الشِّرْكِ".
قَالَ الشَّيخُ عَبْدُ اللهِ الغُنَيمَانُ حَفِظَهُ اللهُ فِي شَرْحِ بَابِ (مَا جَاءَ فِي المُصَوِّرِين) مِنْ شَرْحِهِ عَلَى كِتَابِ فَتْحُ المَجِيدِ شَرِيطُ رَقَم (١٢٨): "أَمَّا دَعْوَةُ اللهِ بِهِمْ كَأَنْ يَقُولَ: يَا رَبِّ! أَسْأَلُكَ بِوَلِيِّكَ الفُلَانِيِّ، أَو أَسْأَلُكَ بِنَبِيِّكَ، أَو أَسْأَلُكَ بِجِبْرِيلَ، أَو أَسْأَلُكَ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ؛ فَهَذَا -وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شِرْكًا- إِلَّا أَنَّهُ مِنَ البِدَعِ الَّتِي تَكُونُ طَرِيقًا إِلَى الشِّرْكِ". وَيُنْظَرُ أَيضًا مَجْمُوعِ فَتَاوَى الشَّيخِ ابْنِ بَازٍ (٧/ ١٢٩).
(٢) صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (١٤٨٠). صَحِيحُ الجَامِعِ (٢٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>