للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَائِلُ عَلَى البَابِ

- المَسْأَلَةُ الأُولَى: احْتَجَّ الزَّاهِدُونَ فِي تَعَلُّمِ التَّوحِيدِ اليَومَ بِالحَدِيثِ الَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: ((إِنَّ الشَّيطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبدَهُ المُصَلُّونَ؛ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَينَهُمْ)) (١) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢). فَمَا الجَوَابُ عَنْهُ؟

الجَوَابُ مِنْ أَوجُهٍ:

١ - إِنَّ هَذَا اليَأْسَ هُوَ بِحَسْبِ ظَنِّ الشَّيطَانِ نَفْسِهِ؛ فَهُوَ لَا يَعْلمُ الغَيبَ! وَلَيسَ فِي الحَدِيثِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَيَّسَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيطَانِ لِكَثْرَةِ مَا رَأَى مِنِ انْتِشَارِ الإِسْلَامِ (٣).

٢ - إِنَّ الحَدِيثَ ذَكَرَ وَصْفَ هَؤُلَاءِ بِأَنَّهُم -المُصَلُّونَ- وَهُوَ وَصْفٌ أَخَصُّ مِنْ عُمُومِ المُسْلِمِينَ، فَتَكُونُ لِلعَهْدِ. وَالعَهْدُ هُنَا هُوَ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَينِ:


(١) وَقَرِيبٌ مِنْهُ فِي الاسْتِدْلَالِ مَنْ يَحْتَجُّ بِقَولِهِ : ((وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا؛ وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا)). البُخَارِيُّ (٣١٥٨)، وَمُسْلِمٌ (٢٩٦١) عَنْ عَمْرو بْنِ عَوفٍ مَرْفُوعًا.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الفَتْحِ (٣/ ٢١١): "أي: عَلَى مَجْمُوعِكُم، لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ وَقَعَ مِنَ البَعْضِ -أَعَاذَنَا اللهُ تَعَالَى-".
(٢) مُسْلِمٌ (٢٨١٢).
(٣) وَأَمَّا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ؛ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ -وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ- إِنَّهُ لَيَعْتَرِضُ فِي صَدْرِي الشَّيءُ؛ وَوَدِدْتُ أَنْ أَكُونَ حُمَمًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : ((الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَدْ يَئَّسَ الشَّيطَانَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ هَذِهِ مَرَّةً أُخْرَى، وَلَكِنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِالمُحَقَّرَاتِ مِنْ أَعْمَالِكُمْ)). فَهُوَ مُنْقَطِعٌ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ (٢٠/ ١٧٢). انْظُرِ كِتَابَ (المَطَالِبُ العَالِيَةُ) (١٢/ ٥٥٣) لِلحَافِظِ العَسْقَلَانِيِّ .

<<  <  ج: ص:  >  >>