للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ- أَنَّهُم الصَّحَابَةُ الَّذِينَ هُمْ أَوَّلُ مَقْصُودٍ عِنْدَ ذِكْرِ الحَدِيثِ، وَعَلَيهِ فَمَا يُؤْمَنُ عَلَيهِم مِنَ الفِتْنَةِ لَا يُؤْمَنُ عَلَى غَيرِهِم مِمَّنْ بَعُدَ عَهْدُهُ عَنِ الوَحْي وَالرِّسَالَةِ وَأُصُولِ الإِسْلَامِ.

ب- أَنَّهُم المُصَلُّونَ الصَّلَاةَ التَّامَّةَ؛ العَالِمُونَ بِحَقِيقَتِهَا وَمَعَانِيهَا، فَهُمُ المُوَحِّدُونَ حَقِيقَةً، وَانْظُرِ اسْتِثْنَاءَ اللهِ تَعَالَى لَهُم بِقَولِهِ: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ﴾ مِنْ سِيَاقِ ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾ [المَعَارِج: ١٩ - ٢١] (١).

٣ - أَنَّهُ يَئِسَ مِنْ جِهَةِ إِطْبَاقِ أَهْلِ الأَرْضِ عَلَى الشِّرْكِ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى امْتَنَّ عَلَى المُسْلِمِينَ بِوُجُودِ الطَّائِفَةِ المَنْصُورَةِ البَاقِيَةِ عَلَى الحَقِّ (٢).

٤ - بَقِيَ أَنْ يُقَالَ -وَهِيَ قَاصِمَةُ ظَهْرِ الزَّاهِدِينَ فِي تَعَلُّمِ التَّوحِيدِ- بِأَنَّ الحَدِيثَ إِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ مُطْلَقًا! فَنَقُولُ: إِنَّهُ يَئِسَ مِنْ وُقُوعِ الشِّرْكِ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ فَقَط؛ فَهُوَ دَلِيلُ قُوَّةِ الإِسْلَامِ هُنَاكَ وَانْتِشَارِهِ فِيهِ وَرُسُوخِ قَدَمِ عُلَمَائِهِ، بِخِلَافِ غَيرِهَا مِنَ البُلْدَانِ (٣).


(١) وَتَأَمَّلْ قَولَهُ تَعَالَى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العَنْكَبُوت: ٤٥].
وَفِي الحَدِيثِ: ((مِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي الصَّلَاةَ كَامِلَةً، وَمِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي النِّصْفَ وَالثُّلُثَ وَالرُّبُعَ وَالخُمُسَ -حَتَّى بَلَغَ- العُشُرَ)). حَسَنٌ. النَّسَائِيُّ فِي الكُبْرَى (٦١٦) عَنْ أَبِي اليَسَرِ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ (٥٣٨).
(٢) كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: ((لَمَّا افتَتَحَ مَكَّةَ؛ رَنَّ إِبْلِيسُ رَنَّةً اجْتَمَعَتْ إِلَيهِ جُنُودُهُ، فَقَالَ: ايأَسُوا أَنْ نَرَى أَمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى الشِّرْكِ بَعْدَ يَومِكُم هَذَا! وَلَكِنِ افْتِنُوهُم فِي دِينِهِم، وَأَفْشُوا فِيهِمُ النَّوحَ). صَحِيحٌ. الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ (١٢/ ١١). الصَّحِيحَةُ (٣٤٦٧). فَالكَلَامُ إِذًا هُوَ بِاعْتِبَارِ الأُمَّةِ كُلِّهَا.
(٣) وَقَدْ يَشْهَدُ لِهَذَا مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ (٨٨١٠) فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا: ((إِنَّ الشَّيطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ
=

<<  <  ج: ص:  >  >>