(٢) قَالَ الشَّيخُ ابْنُ عُثَيمِين ﵀ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الكَهْفِ (ص ٥١): "وَالمُرَادُ بِالغَيبِ: المُسْتَقْبَلُ، أَمَّا المَوجُودُ أَوِ المَاضِي؛ فَمَنِ ادَّعَى عِلْمَهُمَا فَلَيسَ بِكَافِرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّيءَ قَدْ حَصَلَ وَعَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ مِنَ النَّاسِ، لَكِنَّ غَيبَ المُسْتَقْبَلِ لَا يَكُونُ إِلَّا للهِ وَحْدَهُ".قُلْتُ: لَعَلَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ أَوسَعُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا تَجِدُهُ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الغَيبِ الَّتِي أَثْبَتْنَاهَا، وَأَمَّا كَونُ المَوجُودِ وَالمَاضِي مَعْلُومًا لِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ فَهَذَا كُلُّهُ بِقَيدِ أَنَّهُم اطَّلَعُوا عَلَيهِ بِوَاسِطَةٍ، كَمُشَاهَدَةٍ أَو خَبَرٍ أَو … ، وَلَكِنَّ الغَيبَ -الَّذِي هُوَ مَوضُوعُ البَحْثِ- هُوَ مَا كَانَ بِغَيرِ وَاسِطَةٍ.وَأَيضًا كُونُهُ جُعِلَ لَيسَ مِنَ الغَيبِ لِأَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيهِ بَعْضُهُم وَقَدْ مَضَى زَمَنُهُ! فَأَيضًا عِلْمُ مَا سَيَكُونُ قَدْ اطَّلَعَ عَلَيهِ بَعْضُهُ،؛ كَمَا فِي إخْبَارِ النَّبِيِّ ﷺ عَنْ بَعْضِ أَحْوَالِ يَومِ القِيَامَةِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الغَيبِ.قَالَ الشَّيخُ الآلُوسِيُّ ﵀ فِي تَفْسِيرِهِ (رُوحُ المَعَانِي) (١١/ ٢٢٩) فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا قَضَينَا عَلَيهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ [سَبَأ: ١٤]: "وَفِي الآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الغَيبَ لَا يَخْتَصُّ بِالأُمُورِ المُسْتَقْبَلَةِ، بَلْ يَشْمَلُ الأُمُورَ الوَاقِعَةَ الَّتِي هِيَ غَائِبَةٌ عَنِ الشَّخْصِ أَيضًا".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute