للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - عِلْمُ المَاضِي.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ [آل عِمْرَان: ٤٤].

٣ - عِلْمُ الحَاضِرِ فِيمَا غَابَ عَنْكَ حِسُّهُ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا قَضَينَا عَلَيهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ [سَبَأ: ١٤].

٤ - عِلْمُ البَاطِنِ وَمَا فِي الضَّمِيرِ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [فَاطِر: ٣٨] (١).


(١) وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيرَةَ المَرْفُوعُ فِي كِتَابَةِ المَلَكِ لِلحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٦٤٩١)، وَمُسْلِمٌ (١٢٨) وَالَّذِي فِيهِ: ((إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَا تَكْتُبُوهَا عَلَيهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا سَيِّئَةً. وَإِذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا عَشْرًا)) فَهُوَ يُفِيدُ عِلْمَ المَلَكِ بِمَا يَهُمُّ بِهِ العَبْدُ، وَلَكِنَّهُ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ إِيَّاهُ لِيَكْتُبَهُ، أَو مِمَّا مَكَّنَهُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ. أَفَادَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الفَتْحِ (١١/ ٣٢٥).
فَلَيسَ بِغَرِيبٍ أَنْ يُمَكِّنَ اللهُ تَعَالَى المَلَكَ مِنْ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا إِخْبَارُهُ تَعَالَى عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ لَيسَ بِمَلَكٍ: ﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ﴾ [الأَنْعَامُ: ٥٠].
قَالَ البَغَوِيُّ فِي التَّفْسِيرِ (٣/ ١٤٥): " ﴿لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ﴾ أَي: خَزَائِنُ رِزْقِهِ فَأُعْطِيكُم مَا تُرِيدُونَ، ﴿وَلَا أَعْلَمُ الْغَيبَ﴾ فَأُخْبِرُكُم بِمَا غَابَ مِمَّا مَضَى وَمِمَّا سَيَكُونُ، ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾ قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ المَلَكَ يَقْدِرُ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيهِ الآدَمِيُّ وَيُشَاهِدُ مَا لَا يُشَاهِدُهُ الآدَمِيُّ".
وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ الأَنْدَلُسِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ (٣/ ١٣٢): "فَاطِّلَاعُ الرَّسُولِ عَلَى الغَيبِ هُوَ بِإِطْلَاعِ اللهِ تَعَالَى بِوَحْيٍ إِلَيهِ، فَيُخْبَرُ بِأَنَّ فِي الغَيبِ كَذَا مِنْ نِفَاقِ هَذَا وَإِخْلَاصِ هَذَا، فَهُوَ عَالِمٌ بِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الوَحِي لَا مِنْ جِهَةِ اطِّلَاعِهِ نَفْسِهِ مِنْ غَيرِ وَاسِطَةِ وَحْيٍ عَلَى المُغَيَّبَاتِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>