وَهَذَا النَّوعُ الأَخِيرُ يَتَضَمَّنُ شَيئَين:
أ- الإِثْبَاتَ، وَذَلِكَ بِأَنْ نُثْبِتَ للهِ تَعَالَى جَمَيعَ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ الَّتِي أَثْبتَهَا لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ أَو سُنَّةِ نَبِيِّهِ ﷺ.
ب- نَفْيَ المُمَاثَلَةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ لَا نَجْعَلَ للهِ مَثِيلًا فِي تِلْكَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ.
- وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ أَهْلِ البِدَعِ تَقْسِيمَ التَّوحِيدِ إِلَى هَذِهِ الأَقْسَامِ، وَزَعَمُوا أَنَّ هَذَا خَارِجٌ عَنْ طَرِيقَةِ أَهْلِ الإِسْلَامِ أَصْلًا! وَالرَّدُّ عَلَيهِم هُوَ مِنْ جِهَتَينِ:
١ - أَنَّهُ لَو غَضَضْنَا الطَّرْفَ عَنِ المُسَمَّيَاتِ وَتَكَلَّمْنَا فِي حَقِيقَةِ المَعْنَى لَوَجَدْنَا الأَمْرَ يَؤُولُ إِلَى هَذِهِ الأَقْسَامِ وَلَابُدَّ -كَمَا سَبَقَ البَيَانُ قَبْلَ قَلِيلٍ-، وَعَلَيهِ فَلَا مُشَاحَّةَ فِي الاصْطِلَاحِ وَالتَّقْسِيمِ طَالَمَا هُوَ حَقٌّ.
٢ - أَنَّ هَذَا مَعْرُوفٌ فِي كُتُبِ عَقَائِدِ أَهْلِ السُّنَّةِ الأَوَّلِينَ أَصْلًا.
قَالَ الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ؛ ابْنُ بَطَّةَ العُكْبُرِيُّ ﵀ (ت ٣٨٧ هـ): "وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ الإِيمَانِ بِاللَّهِ -الَّذِي يَجِبُ عَلَى الخَلْقِ اعْتِقَادُهُ فِي إِثْبَاتِ الإِيمَانِ بِهِ- ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَعْتَقِدَ العَبْدُ رَبَّانِيَّتَهُ، لِيَكُونَ بِذَلِكَ مُبَايِنًا لِمَذْهَبِ أَهْلِ التَّعْطِيلِ الَّذِينَ لَا يُثْبِتُونَ صَانِعًا.
الثَّانِي: أَنْ يَعْتَقِدَ وَحْدَانِيَّتَهُ، لِيَكُونَ مُبَايِنًا بِذَلِكَ مَذَاهِبَ أَهْلِ الشِّرْكِ الَّذِينَ أَقَرُّوا بِالصَّانِعِ وَأَشْرَكُوا مَعَهُ فِي العِبَادَةِ غَيرَهُ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَعْتَقِدَهُ مَوصُوفًا بِالصِّفَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَوصُوفًا بِهَا مِنَ العِلْمِ وَالقُدْرَةِ وَالحِكْمَةِ وَسَائِرِ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، إِذْ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ يُقِرِّ بِهِ وَيُوَحِّدُهُ بِالقَولِ المُطْلَقِ قَدْ يُلْحِدُ فِي صِفَاتِهِ، فَيَكُونُ إِلْحَادُهُ فِي صِفَاتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute