للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا العَقْلُ: فَلِأَنَّ الشَّيءَ لَا تُعْرَفُ كَيفِيَّةُ صِفَاتِهِ إِلَّا بَعْدَ العِلْمِ بِأَحَدِ ثَلَاثٍ: كَيفِيَّةِ ذَاتِهِ، أَو بِنَظِيرِهِ المُسَاوِي لَهُ، أَو بِالخَبَرِ الصَّادِقِ عَنْهُ، وَكُلُّ هَذِهِ الطُّرُقِ مُنْتَفِيَةٌ فِي حَقِّ صِفَاتِ اللهِ ﷿؛ فَوَجَبَ بُطْلَانُ تَكْيِيفِهَا.

٧ - صِفَاتُ اللهِ تَعَالَى تَوقِيفِيَّةٌ لَا مَجَالَ لِلعَقْلِ فِيهَا: فَلَا نُثْبِتُ للهِ تَعَالَى مِنَ الصِّفَاتِ إِلَّا مَا دَلَّ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى ثُبُوتِهِ.

قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "لَا يُوصَفُ اللهُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، أَو وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ، لَا يُتَجَاوَزُ القُرْآنُ وَالحَدِيثُ" (١).

قَوَاعِدُ فِي أَدِلَّةِ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ:

١ - الأَدِلَّةُ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا أَسْمَاءُ اللهِ تَعَالَى وَصِفَاتُهُ هِيَ: كِتَابُ اللهِ تَعَالَى، وَسُنَّةُ رَسُولِهِ ، فَلَا تَثْبُتُ أَسْمَاءُ اللهِ وَصِفَاتُهُ بِغَيرِهِمَا.

وَعَلَى هَذَا فَمَا وَرَدَ إِثْبَاتُهُ للهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ فِي الكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ وَجَبُ إِثْبَاتُهُ، وَمَا وَرَدَ نَفْيُهُ فِيهِمَا وَجَبَ نَفْيُهُ -مَعَ إِثْبَاتِ كَمَالِ ضِدِّهِ-، وَمَا لَمْ يَرِدْ إِثْبَاتُهُ وَلَا نَفْيُهُ فِيهِمَا وَجَبَ التَّوقُّفُ فِي لَفْظِهِ فَلَا يُثْبَتُ وَلَا يُنْفَى لِعَدَمِ وُرُودِ الإِثْبَاتِ وَالنَّفْي فِيهِ، وَأَمَّا مَعْنَاهُ فيُفَصَّلُ فِيهِ؛ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ حَقٌّ يَلِيقُ بِالله تَعَالَى فَهُوَ مَقْبُولٌ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَعْنًى لَا يَلِيقُ بِاللهِ ﷿ وَجَبَ رَدُّهُ.

وَمِمَّا لَمْ يَرِدْ إِثْبَاتُهُ وَلَا نَفْيُهُ لَفْظُ الجِهَةِ، فَلَو سَأَلَ سَائِلٌ هَلْ نُثْبِتُ للهِ تَعَالَى جِهَةً؟ قُلْنَا لَهُ: لَفْظُ الجِهَةِ لَمْ يَرِدْ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِثْبَاتًا وَلَا نَفْيًا، وَيُغْنِي عَنْهُ مَا ثَبَتَ فِيهِمَا


(١) ذَكَرَهُ أَبُو عُثْمَان الصَّابُونِيُّ (ت ٤٤٩ هـ) فِي كِتَابِهِ: (عَقِيدَةُ السَّلَفِ وَأَصْحَابِ الحَدِيثِ) (ص ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>