للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الشُّبْهَةُ السَّادِسَةُ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى بَشَّرَ نَبِيَّهُ بِأَنَّهُ لَنْ يُخْزِيَهِ فِي أُمَّتِهِ؛ فَقَالَ لَهُ: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [الضُّحَى: ٥]، فَهَلْ يَرْضَى النَّبِيُّ بِعَذَابِ أُمَّتِهِ؟! أَو أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ مِنْهُم قَدْ أَخْطَأَ السَّبِيلَ فَاسْتَغَاثَ بِهِ -عَلَى فَرْضِ خَطَئِهِ- أَنْ يَكُونَ فِي النَّارِ؟! فَشَفَاعَتُهُ إِذًا نَائِلَةٌ جَمِيعَ أُمَّتِهِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ أَخْطَائِهِم!

الجَوَابُ هُوَ مِنْ أَوجُهٍ:

١ - إِنَّ الَّذِي بَشَّرَهُ بِـ ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ هُوَ الَّذِي أَخْبَرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ ﴿لَيسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيءٌ﴾ [آلِ عِمْرَان: ١٢٨] فَلَا تَعَارُضَ بَينَهُمَا، وَالنَّبِيُّ لَا يَرْضَى مَا لَا يَرْضَى اللهُ تَعَالَى عَنْهُ.

فَنَقُولُ: هَلْ يَرْضَى النَّبِيُّ أَنْ يُدْعَى مَعَ اللهِ؟! أَلَيسَ هُوَ الَّذِي قَالَ لِابْنِ عَمَّهِ مُعَلِّمًا إِيَّاهُ كَلِمَاتٍ جَامِعَاتٍ نَافِعَاتٍ: ((إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ)) (١).

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ : "وَمِنْهُمْ مَنْ يَغْتَرُّ بِفَهْمٍ فَاسِدٍ فَهِمَهُ -هُوَ وَأَضْرَابُهُ- مِنْ نُصُوصِ القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فَاتَّكَلُوا عَلَيهِ! كَاتِّكَالِ بَعْضِهِمْ عَلَى قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [الضُّحَى: ٥٥] قَالَ: وَهُوَ لَا يَرْضَى أَنْ يَكُونَ فِي النَّارِ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ!!

وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ الجَهْلِ وَأَبْيَنِ الكَذِبِ عَلَيهِ؛ فَإِنَّهُ يَرْضَى بِمَا يَرْضَى بِهِ رَبُّهُ ﷿، وَاللَّهُ تَعَالَى يُرْضِيهِ تَعْذِيبُ الظَّلَمَةِ وَالفَسَقَةِ وَالخَوَنَةِ وَالمُصِرِّينَ عَلَى الكَبَائِرِ، فَحَاشَا رَسُولَهُ أَنْ يَرْضَى بِمَا لَا يَرْضَى بِهِ رَبُّهُ ! " (٢).

٢ - إِنَّ مَنْ بَدَّلَ فِي دِينِهِ وَغَيَّرَ وَحَرَّفَ، وَاسْتَبْدَلَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيرٌ مِنْ


(١) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٢٨٠٣)، وَالتِّرْمِذِيُّ (٢٥١٦). صَحِيحُ التِّرْمِذِيِّ (٢٥١٦).
(٢) الجَوَابُ الَكَافِي (ص ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>