للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَائِلُ عَلَى البَابِ

- مَسْأَلَةٌ: مَا الجَوَابُ عَنْ ظَاهِرِ التَّعَارُضِ بَينَ الآيَةِ فِي البَابِ، وَبَينَ النُّصُوصِ الَّتِي فِيهَا إِبَاحَةُ نَقْضِ اليَمِينِ مَعَ الكَفَّارَةِ! كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَينَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البَقَرَة: ٢٢٤] (١)، وَكَقَولِهِ تَعَالَى أَيضًا: ﴿ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾ [المَائِدَة: ٨٩]، وَكَقَولِهِ : ((وَاللَّهِ -إِنْ شَاءَ اللهُ- لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيرَهَا خَيرًا مِنْهَا؛ إِلَّا أَتَيتُ الَّذِي هُوَ خَيرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا)) (٢)؟

الجَوَابُ: لَا تَعَارُضَ؛ وَذَلِكَ مِنْ وَجْهَينِ:

١ - أَنَّ هَذِهِ الأَيمَانَ الَّتِي لَا يَجُوزُ نَقْضُهَا هِيَ الأَيمَانُ الدَّاخِلَةُ فِي العُهُودِ وَالمَوَاثِيقِ، لَا الأَيمَانَ الوَارِدَةَ عَلَى حَثٍّ أَو مَنْعٍ؛ فَالَّذِي نَهَى عَنْ نَقْضِ الأَوَّلِ هُوَ الَّذِي حَضَّ عَلَى نَقْضِ الثَّانِي.


=
قُلْتُ: وَلَعَلَّ الأَوَّلَ هُوَ الأَرْجَحُ، وَيُشِيرُ لِذَلِكَ حَدِيثُ البُخَارِيِّ (٣١٥٦) عَنْ بَجَالَةَ وَفِيهِ: (وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الجِزْيَةَ مِنَ المَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوفٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ) فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ وَعَدَمِ العُمُومِ أَصْلًا.
قَالَ الإِمَامُ ابْنُ القَيِّمِ : "فَأَجْمَعَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِن أَهْلِ الكِتَابِ وَمِنَ المَجُوسِ". أَحْكَامُ أَهْلِ الذِّمَّةِ (١/ ٧٩).
(١) قَالَ العَلَّامَةُ الشِّنْقِيطِيُّ : "أَي: لَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ عَلَى فِعْلِ الخَيرِ؛ فَإِذَا قِيلَ لَكُمُ: اتَّقُوا وَبَرُّوا، وَأَصْلِحُوا بَينَ النَّاسِ؛ قُلْتُمْ: حَلَفْنَا بِاللَّهِ لَا نَفْعَلُ ذَلِكَ؛ فَتَجْعَلُوا الحَلِفَ بِاللَّهِ سَبَبًا لِلِامْتِنَاعِ مِنْ فِعْلِ الخَيرِ! ". أَضْوَاءُ البَيَانِ (٥/ ٤٨٧).
(٢) البُخَارِيُّ (٣١٣٣)، وَمُسْلِمٌ (١٦٤٩) عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ مَرْفُوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>