للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْحُ

- هَذَا البَابُ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الأَبْوَابِ الَّتِي فِيهَا بَيَانُ الأَدَبِ فِي دُعَاءِ اللهِ تَعَالَى؛ وَذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِكَمَالِ التَّوحِيدِ الوَاجِبِ.

- قَولُهُ: ((اللَّهُمَّ)) مَعْنَاهُ: يَا اللهُ، لَكِنْ لِكَثْرَةِ الاسْتِعْمَالِ حُذِفَتْ (يَا) النِّدَاءِ، وَعُوِّضَ عَنْهَا بِالمِيمِ، وَجُعِلَ العِوَضُ فِي الآخِرِ تَيَمُّنًا بِالابْتِدَاءِ بِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى.

- قَولُهُ: ((اغْفِرْ لِي)) المَغْفِرَةُ: سَتْرُ الذَّنْبِ مَعَ التَّجَاوُزِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنَ الغَفْرِ: وَهُوَ السَّتْرُ، وَالمِغْفَرُ: هُوَ مَا يُسْتَرُ بِهِ الرَّأْسُ لِلوِقَايَةِ مِنَ السِّهَامِ فِي الحَرْبِ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِشَيءٍ سَاتِرٍ وَاقٍ (١).

- العَزْمُ: هُوَ الجَزْمُ فِي الطَّلَبِ مِنْ غَيرِ تَرَدُّدٍ وَلَا ضَعْفٍ.

- النَّهيُ فِي هَذَا التَّعْلِيقِ هُوَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوجُهٍ:

١ - أنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى لَهُ مُكْرِهٌ عَلَى الشَّيءِ، وَأَنَّهُ قَد يُعْطي العَطَاءَ وَهُوَ مُكْرَهٌ! ((فَإِنَّ اللهَ لَا مُكْرِهَ لَهُ))، وَفِيهِ الدِّلَالَةُ عَلَى كَمَالِ عِزَّتِهِ.

٢ - أنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ هَذَا الأَمْرَ عَظِيمٌ عَلَى اللهِ وَيَصْعُبُ عَلَيهِ أَنْ يُعْطِيَهُ لِلعَبْدِ؛ لِذَلِكَ فَهُوَ يَرْبِطُهُ بِالمَشِيئَةِ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يُصَعِّبَ عَلَيهِ! ((فَإِنَّ اللهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيءٌ أَعْطَاُه))، وَفِيهِ


(١) وَفِي الحَدِيثِ: ((يُدْنَى المُؤْمِنُ يَومَ القِيَامَةِ مِنْ رَبِّهِ ﷿ حَتَّى يَضَعَ عَلَيهِ كَنَفَهُ، فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُ؟ فَيَقُولُ: أَي: رَبِّ أَعْرِفُ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيكَ فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ اليَومَ، فَيُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكُفَّارُ وَالمُنَافِقُونَ؛ فَيُنَادَى بِهِمْ عَلَى رُؤُوسِ الخَلَائِقِ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ)). رَوَاهُ مُسْلِمُ (٢٧٦٨) عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا.
وَالشَّاهِدُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي الآخِرَةِ يَسْتُرُهُ فـ ((يَضَعُ كَنَفَهُ)) وَيَتَجَاوَزُ عَنْ ذُنُوبِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>