- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ لَا تَجُوزُ فِي المَقَابِرِ؛ فَمَا الجَوَابُ عَنْ أَحَادِيثِ صَلَاةِ الجَنَازَةِ فِي المَقْبَرَةِ؟!
وَمِنْهَا: صَلَاةُ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، وَعَلَى المَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ.
الجَوَابُ:
١ - إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنَ النَّهْي، لِثُبُوتِهَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
٢ - إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ -وَإِنْ كَانَتْ تُسَمَّى صَلَاةً شَرْعًا-؛ فَهِيَ لَيسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ! وَإِنَّمَا هِيَ الدُّعَاءُ لِلمَيِّتِ، فَاخْتَلَفَتْ عَنِ الصَّلَاةِ الَّتِي نُهيَ عَنْهَا أَصْلًا مِنْ جِهَةِ الهَيئَةِ.
وَعَلَى ذَلِكَ لَمْ يَعُدْ هُنَاكَ وَجْهٌ لِلنَّهْي، وَهُوَ المُشَابَهَةُ الَّتِي تَكُونُ ذَرِيعَةً إِلَى الشِّرْكِ (١).
٣ - يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيضًا: إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَمَّا كَانَتْ خَالِيَةً مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ فَإِنَّهُ لَيسَ فِيهَا مَا يُشْعِرُ بِتَعْظِيمِ المَيِّتِ، وإنَّمَا بِعَكْسِ ذَلِكَ، فَهِيَ تُشْعِرُ بِأَنَّ هَذَا المَيِّتَ بِحَاجَةٍ إِلَى مَنْ يَنْفَعُهُ، فَاخْتَلَفَتْ عَنِ الصَّلَاةِ الَّتِي نُهيَ عَنْهَا أَصْلًا مِنْ جِهَةِ العِلَّةِ أَيضًا؛ حَيثُ لَمْ تُوجَدْ هُنَا عِلَّةُ النَّهْي وَهِيَ ذَرِيعَةُ الشِّرْكِ.
فَاخْتَلَفَتِ الصَّلَاتَانِ مِنْ حَيثُ الوَصْفِ وَالعِلَّةِ. وَالحَمْدُ للهِ عَلَى تَوفِيقِهِ.
(١) وَقَدْ مَرَّ مَعَنَا فِي بَابِ (لَا يُذْبَحُ للهِ بِمَكَانٍ يُذْبَحُ فِيهِ لِغَيرِ اللهِ) أنَّ اخْتِلَافَ هَيئَةِ العِبَادَةِ مُؤَثِّرٌ فِي جَوَازِهَا فِي بَعْضِ أَمَاكِنِ النَّهْي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute