- المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: هَلْ يَصِحُّ قِيَاسُ الصَّالِحِينَ عَلَى الأَنْبِيَاءِ فِي التَّبَرُّكِ؟
الجَوَابُ:
إِنَّ بَرَكَةَ الذَّوَاتِ لَا تَكُونُ إِلَّا لِمَنْ نَصَّ اللهُ تَعَالَى عَلَى إِعْطَائِهِ البَرَكَةَ كَالأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَأَمَّا غَيرُهُم مِنْ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ فَبَرَكَتُهُم بَرَكَةُ عَمَلٍ، أَي: نَاشِئَةٌ عَنْ عِلْمِهِم وَعَمَلِهِم وَاِتِّبَاعِهِم، لَا عَنْ ذَوَاتِهِم.
وَمِنْ هَذِهِ البَرَكَاتِ: دُعَاؤُهُم النَّاسَ إِلَى الخَيرِ، وَدُعَاؤُهُم لَهُم، وَنَفْعُهُم الخَلْقَ بِالإِحْسَانِ إِلَيهِم بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَنَحْو هَذَا.
وَمِنْ آثَارِ بَرَكَاتِ أَعْمَالِهِم مَا يَجْلِبُ اللهُ مِنَ الخَيرِ عَلَى الأُمَّةِ بِسَبَبِهِم، وَيَدْفَعُ مِنَ النِّقمَةِ وَالعَذَابِ العَامِّ بِبَرَكَةِ إِصْلَاحِهِم (١)، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ [هُود: ١١٧].
وَأَمَّا أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ ذَوَاتَهُم مُبَارَكَةٌ؛ فَيُتَمَسَّحَ بِهِم، وَيُشْرَبَ سُؤْرُهُم، وَتُقبَّلَ أَيدِيهِم لِلبَرَكَةِ دَائِمًا وَنَحْوَ ذَلِك؛ فَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي غَيرِ الأَنْبِيَاءِ لِأَوجُهٍ:
١ - عَدَمُ مُقَارَبَةِ أَحَدٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ فِي الفَضْلِ؛ فكَيفَ بِالمُسَاوَاةِ فِي البَرَكَةِ الذَّاتِيَّةِ؟!
٢ - أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ شَرِعِيٌّ عَلَى أَنَّ غَيرَ النَّبِيِّ ﷺ مِثْلُهُ فِي التَّبَرُّكِ بِأَجْزَاءِ ذَاتِهِ؛ فَهُوَ خَاصٌّ بِهِ كَغِيرِهِ مِنْ خَصَائِصِهِ.
٣ - إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ.
(١) وَعَلَيهِ يُحْمَلُ خَبَرُ الأَبْدَالِ إِنْ قِيلَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَيسَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ يَصِحُّ، وَسَتَأْتِي مَعَنَا -إِنْ شَاءَ اللهُ- مَسْأَلَةٌ فِي خَبَرِ الأَبْدَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute