للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَائِلُ عَلَى البَابِ

- مَسْأَلَةٌ: قَولُهُ: ((لا يَسْتَرْقُونَ)) لِمَاذَا لَا يُحْمَلُ عَلَى النَّهْي عَنِ الرُّقَى الشِّرْكِيَّةِ المَنْهِيِّ عَنْهَا أَصْلًا (١)؛ فَتَكُونُ بِذَلِكَ الرُّقَى المَشْرُوعَةُ غَيرَ مَقْصُودَةٍ بِالحَدِيثِ؟ وَعَلَيهِ فَيَجُوزُ طَلَبُ الرُّقْيَةِ مُطْلَقًا مِنَ الغَيرِ إِذَا كَانَتْ غَيرَ شِرْكِيَّةٍ.

الجَوَابُ مِنْ أَوجُهٍ:

١ - أَنَّ عُمُومَ النَّفْي فِي قَولِهِ: ((لَا يَسْتَرْقُونَ)) شَامِلٌ لِلوَجْهَينِ، فَأَمَّا الشِّرْكيُّ مِنْهُ فَمُحَرَّمٌ لِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ مِنَ النُّصُوصِ الكَثِيرَةِ (٢)، وَأَمَّا الجَائِزُ فَيَكُونُ خِلَافَ الأَولَى لِمَا قَدْ ثَبَتَ مِنْ جَوَازِهِ.

٢ - أَنَّهُ لَو كَانَ المَقْصُودُ النَّهْيَ عَنْهَا لِكَونِهَا شِرْكًا؛ لَقَالَ : (هُمُ الَّذِينَ لَا يُشْرِكُونَ) وَلَمْ يَجْعَلْهُ لَفْظًا مُوهِمًا مُخَالِفًا المَشْهُورَ عِنْدَ النَّاسِ! فَلَفْظُ الحَدِيثِ أَخَصُّ مِنَ الدَّعْوَى لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالطَّلَبِ؛ بِخِلَافِ عُمُومِ الرُّقْيَةِ الشِّرْكِيَّةِ؛ فَيُنْهَى فِيهَا عَنِ الطَّلَبِ وَعَنِ الرُّقْيَةِ نَفْسِهَا أَيضًا.

٣ - أَنَّ الاسْتِرْقَاءَ هُوَ مِنْ جِنْسِ الطَّلَبِ مِنَّ النَّاسِ (٣)؛ وَهَذَا قَدْ دَلَّتِ الشَّرِيعَةُ عَلَى أَنَّ تَرْكَه أَولَى (٤)، وَهَذَا وَحْدَهُ يُحَصِّلُ المَقْصُودَ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ الحَدِيث نَفْسِهِ؛


(١) وَهُوَ الَّذِي رجَّحَهُ النَّوَوِيُّ في شَرْحِ مُسْلِمٍ (١٤/ ١٦٨)، خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ عَنِ ابْنِ عَبْدِ البَرِّ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى.
(٢) كَمَا فِي الحَدِيثِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: ((إنَّ الرُّقَى والتَّمَائِمَ والتِّوَلَةَ شِرْكٌ)). رَوَاهُ أَحْمَدُ (٣٦١٥). صَحِيحٌ. الصَّحِيحَة (٣٣١).
(٣) وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّرْكِيبَ اللَّفْظِيَّ فِي (الأَلِفِ وَالسِّينِ وَالتَّاءِ) يَكْثُرُ اسْتِخْدَامُهُ فِي مَعْنَى الطَّلَبِ.
(٤) كَمَا فِي الحَدِيثِ عَنْ عَوفِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا: ((أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟)) -وَكُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِبَيعَةٍ-
=

<<  <  ج: ص:  >  >>