للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: مَا صِحَّةُ مَا نُسِبَ إِلَى الإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَان فِي أَنَّهُ أَنْكَرَ حَقِيقَةَ السِّحْرِ؟

الجَوَابُ:

لَو ثَبَتَ المَطْلُوبُ؛ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ شَرْعًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَحْسَنَ مَثْوَاهُ-؛ يُسْتَدَلُّ لَهُ وَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ، فَالحَقُّ لَا يُعْرَفُ بِالرِّجَالِ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ الرِّجَالُ بِالحَقِّ.

وَلَكِنْ أَقُولُ -مُسْتَعِينًا بِالله تَعَالَى وَحْدَهُ-:

إِنَّ مَا عُزِيَ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُثْبِتُ حَقِيقَةَ السِّحْرِ؛ عَلَيهِ مُلَاحَظَاتٌ:

١ - إِنَّ الَّذِينَ نَقَلُوا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ النَّفْيَ؛ إِنَّمَا ذَكَرُوا أَنَّ الإِجْمَاعَ وَقَعَ عَلَى خِلَافِ مَا ذَهَبَ إِلَيهِ ! فَيَكُونُ قَولُهُ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ! وَعَلَيهِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ.

قَالَ الوَزِيرُ أَبُو المُظَفَّرِ ابْنُ هُبَيرَةَ فِي كِتَابِهِ (الإِشْرَافُ عَلَى مَذَاهِبِ الأَشْرَافِ): "بَابٌ فِي السِّحْرِ، فَقَالَ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ السِّحْرَ لَهُ حَقِيقَةٌ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ؛ فَإِنَّهُ قَالَ لَا حَقِيقَةَ لَهُ عِنْدَهُ" (١).

٢ - إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ نُقِلَ عَنْهُ القَولَانِ مَعًا -مِنْ جِهَةِ الإِثْبَاتِ وَالنَّفْي-.

قَالَ أَبُو الحَسَنِ المَاوَرْدِيُّ : "فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي حَقِيقَةِ السِّحْرِ، فَقَدِ


(١) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِيرٍ (١/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>