للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَائِلُ عَلَى البَابِ

- مَسْأَلَةٌ: قَالَتِ المُعَطِّلَةُ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ يُسْمَعُ، وِإِنَّمَا هُوَ يَخْلُقُ كَلَامًا! وَمِنْهُم مَنْ قَالَ: إِنَّ كَلَامَ اللهِ تَعَالَى هُوَ مَا فِي نَفْسِهِ سُبْحَانَهُ، وَأَمَّا أَلْفَاظُهُ وَحُرُوفُهُ فَهِيَ مَخْلُوقَةٌ!

فَمَا الجَوَابُ عَنْه حَيثُ دَارَتْ شُبَهُهُم حَولَ أُمُورٍ هِيَ:

- الشُّبْهَةُ الأُولَى: إِنَّ القُرآنَ وَصَفَهُ اللهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ قَولُ جِبْرِيلَ وَلَيسَ بِقَولِهِ تَعَالَى!

كَقَولِهِ جَلَّ وَعَلَا: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ﴾ [التَّكْوِير: ١٩ - ٢٠]، أَو أَنَّهُ قَولُ النَّبِيِّ ، كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الحَاقَّة: ٤٠ - ٤٢]؟

وَالجَوَابُ هُوَ مِنْ أَوجُهٍ:

١ - مَا نُسِبَ فِي الآيَةِ مِنْ أَنَّهُ قَولُ جِبْرِيلَ ؛ فَمَفَادُهُ أَنَّ جِبْرِيلَ يُبلِّغُهُ، فَنِسْبَةُ القَولِ إِلَى جِبْرِيلَ هِيَ نِسْبَةُ تَبْلِيغٍ، وَأَنَّهُ أَدَّاهَا بِأَمَانَةٍ دُونَ تَحْرِيفٍ، وَلِذَلِكَ جَاءَ وَصْفُهُ بِالرِّسَالَةِ وَلَمْ يَرِدْ بِاسْمِهِ المُجَرَّدِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّسُولَ يُؤَدِّي رِسَالَةَ مَنْ أَرْسَلَهُ بِهَا؛ وَلَا يَكُونُ القَولُ قَولَهُ.

وَأَيضًا فِي الآيَةِ الثَّانِيَةِ تَجِدُ الأَمْرَ نَفْسَهُ حَيثُ جَاءَ وَصْفُهُ بِالرَّسُولِ -أَيِّ النَّبِيَّ مُحَمَّدٍ ، وَإِنَّمَا نُسِبَ إِلَيهِ القَولُ عَلَى جِهَةِ أَنَّهُ أَدَّى الرِّسَالَةَ بِأَمَانَةٍ دُونَ زِيَادَةٍ أَو نَقْصٍ أَو تَحْرِيفٍ، وَلِذَلِكَ أَيضًا جَاءَ وَصْفُهُ بِالرِّسَالَةِ وَلَمْ يَرِدْ أَيضًا بِاسْمِهِ المُجَرَّدِ.

وَتَأَمَّلْ تَمَامَ الآيَاتِ لِتَجِدَ بُرْهَانَ ذَلِكَ، حَيثُ قَالَ تَعَالَى: ﴿تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>