الشَّرْحُ
- مُنَاسَبَةُ هَذَا البَابِ لِكتَابِ التَّوحِيدِ ظَاهِرَةٌ؛ وهيَ أَنَّ الهَزلَ وَالاسْتِهْزَاءَ بِاللهِ أَو بِالرَّسُولِ ﷺ أَو بِالقُرْآنِ مُنَافٍ لِأَصلِ التَّوحِيدِ وَكُفْرٌ مُخْرِجٌ مِنَ المِلَّةِ.
- المُصَنِّفُ ﵀ لَمْ يَذْكُرِ (الدِّينَ) فِي جُمْلَةِ قَولِهِ: (اللهِ أَوِ القُرْآنِ أَوِ الرَّسُولِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الهَزْلَ بِالدِّينِ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الهَزْلَ بِالدِّينِ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ تَدَيُّنُ الرَّجُلِ نَفْسِهِ، وَقَدْ يُقْصَدُ بِهِ المَنْهَجُ الدِّينِيُّ الَّذِي يَنْتَمِي إِلَيهِ الشَّخْصُ المَذْمُومُ، وَالحُكْمُ لَيسَ وَاحِدًا.
- قَالَ تَعَالَى: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ * الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [التوبة: ٦٤ - ٦٧] (١).
هَذِهِ السُّوَرةُ كَانَتْ تُسَمَّى عِنْدَ الصَّحَابَةِ بِالفَاضِحَةِ؛ لِأَنَّهَا ذَكَرَتِ المُنَافِقِينَ وَعَلَامَاتِهِم وَأَقْوَالَهُم.
(١) قَولُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ﴾ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ تَعَالَى مُخْرِجٌ الكُفْرَ الَّذِي تَكْتُمُونَهُ وَتُظْهِرُونَ خِلَافَهُ نِفَاقًا، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَينَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾ [مُحَمَّد: ٢٩ - ٣٠].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute