للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؛ قَالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ، فَقَالَ: يَا خَيرَ البَرِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : ((ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١) (٢).

- فَائِدَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ: إِنَّ تَعْظِيمَ النَّبِيِّ غَيرَ المَشْرُوعِ نَوعَان:

الأَوَّلُ: كُفْرٌ؛ وَهُوَ مَا كَانَ مُخْتَصًّا بِاللهِ تَعَالَى، كَدُعَائِهِ وَالاسْتِغَاثَةِ بِهِ فِي الشَّدَائِدِ، وَوَصْفِهِ بِمَا لَا يَتَّصِفُ بِهِ إِلَّا اللهُ.

الثَّانِي: مَعْصِيَةٌ وَذَرِيعَةٌ إِلَى الشِّرْكِ؛ كَالكَذِبِ عَلَيهِ فِي صِفَاتِهِ، وَاخْتِرَاعِ الآيَاتِ وَالمُعْجِزَاتِ غَيرِ المَرْويَّةِ بِالأَسَانِيدِ الصَّحِيحَةِ.

وَهَذَا الوَجْهُ هُوَ أَقَلُّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيهِ قَولُ البُوصِيرِي: (وَانْسُبْ إِلَى ذَاتِهِ مَا شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ) يَعْنِي مَا شِئْتَ أَنْتَ وَلَيسَ مَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الحَقِيقَةِ وَالوَاقِعِ! وَسَبَقَ كَلَامُ القُرْطُبِيِّ فِي مِثْلِ هَذَا؛ وَأَنَّ صَاحِبَهُ مُعْتَدٍ آثِمٌ.

- قَولُهُ: (لَو نَاسَبَتْ قَدْرَهُ آيَاتُهُ عِظَمًا … أَحْيَا اسْمُهُ حِينَ يُدْعَى دَارِسَ الرِّمَمِ)

التَّعْلِيقُ: يَعْنِي أَنَّ آيَاتِهِ (مُعْجِزَاتِهِ) هِيَ أَقْلُ مِنْ قَدْرِهِ، وَلَو كَانَتْ تُنَاسِبُهُ


(١) مُسْلِمٌ (٢٣٦٩).
(٢) وَقَدْ حَكَمَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ بِالشُّذُوذِ لِجُمْلَةِ (قَولِ خَيرِ البَرِيَّةِ) الَّتِي فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ -فِي غَيرِ هَذَا السِّيَاقِ- وَجَرَى عَلَيهَا بَعْضُ الشُّرَّاحِ! وَبَيَّنَ أَنَّ صَوَابَهَا (مِنْ خَيرِ قَولِ البَرِيَّةِ) -وَلَا يَخْفَى الفَرْقُ بَينَهُمَا- وَأَنَّ الصَّوَابَ المَحْفُوظَ هُوَ كَمَا فِي أَلْفَاظِ الصَّحِيحَينِ.
وَالحَدِيثُ بِتَمَامِهِ فِي البُخَارِيِّ (٣٦١١) عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: ((يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَومٌ، حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيرِ قَولِ البَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَينَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَومَ القِيَامَةِ)).

<<  <  ج: ص:  >  >>