- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَا وَجْهُ الجَمْعِ بَينَ الآيَتِينِ فِي البَابِ مِنْ حَيثُ جِهَةِ تَعَلُّقِ الطِّيَرَةِ، حَيثُ كَانَتْ فِي الآيَةِ الأُولَى: ﴿أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ﴾، وَفِي الثَّانِيَةِ: ﴿قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ﴾؟
الجَوَابُ:
لَا مُنَافَاةَ بَينَهُمَا، لِأَنَّ الأُولَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّ المُقَدِّرَ لِهَذِهِ المَصَائِبِ هُوَ اللهُ تَعَالَى، وَالثَّانِيَةَ تُبَيِّنُ سَبَبَهَا، وَهُوَ أَنَّهَا بِسَبَبِهِم، فَطَائِرُهُم مَعَهُم، أَي: الشُّؤْمُ الحَاصِلُ عَلَيهِم مَعَهُم مُلَازِمٌ لَهُم؛ لِأَنَّ أَعْمَالَهُم تَسْتَلْزِمُهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الرُّوم: ٤١] (١).
(١) وَكَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ [النِّسَاء: ٧٨ - ٧٩].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute