للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الفَصْلُ الرَّابِعُ: شُبُهَاتٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَجَوَابُهَا:

- الشُّبْهَةُ الأُولَى: قَولُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الكَهْفِ: ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكَهْف: ٢١] فِيهِ أنَّ المُؤْمِنِينَ هُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا ذَلِكَ، وَأَقَرَّهُم اللهُ تَعَالَى عَلَى قَولِهِم ذَلِكَ! فَمَا الجَوَابُ؟

الجَوَابُ مِنْ أَوجُهٍ (١):

١ - إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَى صَحِيحَةً؛ فَإِنَّه يُقَالُ لَهُم: اخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي العَمَلِ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا إِذَا لَمْ يُخَالِفْ شَرْعَنَا؛ فَكَيفَ إِذَا كَانَ فِي شَرْعِنَا مَا يُخَالِفُهُ!

وَعَلَى فَرْضِ كَونِهِ جَازَ فِي شَرْعِهِم، فَيُقَالُ: شَرْعُنَا أَتَمُّ، وَقَدْ جَاءَ بِسَدِّ الذَّرَائِعِ، كَمَا كَانَ فِي قَومِ يُوسُفَ السُّجُودُ لِلبَشَرِ جَائِزٌ مِنْ بَابِ التَّحِيَّةِ؛ فَنُهِيَ عَنْهُ عِنْدَنَا، وَكَمَا فِي صِنْعَةِ الجِنِّ لِسُلَيمَانَ التَّمَاثِيلِ -عَلَى القَولِ بِأنَّهَا كَانَتْ صُوَرًا لِذَوَاتِ أَرْوَاحٍ- أَمَّا فِي شَرْعِنَا فَنُهيَ عَنْ تَصْوِيرِ ذَوَاتِ الأَرْوَاحِ.

٢ - لَيسَ فِي الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّ ذَلِكَ كَانَ مَشْرُوعًا عِنْدَهُم، فَلَيسَ فِي الآيَةِ -صَرَاحَةً- أَنَّهُم كَانُوا مُسْلِمِينَ؛ عَدَا عَنْ أَنْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ صَالِحِينَ، بَلِ الظَّاهِرُ هُوَ العَكْسُ.

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ -عِنْدَ شَرْحِ حَدِيثِ: ((لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِم مَسَاجِدَ)) -: "وَقَدْ دَلَّ القُرْآنُ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيهِ هَذَا الحَدِيثُ؛ وَهُوَ قَولُ اللهِ ﷿ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الكَهْفِ: ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكَهْف: ٢١]، فَجَعَلَ اتِّخَاذَ القُبُورِ عَلَى المَسَاجِدِ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الغَلَبَةِ عَلَى الأُمُورِ،


(١) مُعْظَمُ أَوجُهِ الرَّدِّ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ كِتَابِ (البِنَاءُ عَلَى القُبُورِ) لِلشَّيخِ المُحَدِّثِ المُعَلِّمِيِّ اليَمَانِيِّ .

<<  <  ج: ص:  >  >>