للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ يُشْعِرُ بِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ القَهْرُ وَالغَلَبَةُ وَاتِّبَاعُ الهَوَى، وَأَنَّهُ لَيسَ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ العِلْمِ وَالفَضْلِ المُنْتَصِرِ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رُسُلِهِ مِنَ الهُدَى" (١).

قُلْتُ: وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَينِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾ [الكَهْف: ١٢]، فَقَدْ جَعَلَ تَعَالَى مِنْهُم حِزْبَينِ مُخْتَلِفَينِ فَيهِم، فَلَيسَ بمُسَلَّمٍ أَنَّهُم كَانُوا فِئَةً وَاحِدَةً مُسْلِمَةً عَلَى كُلِّ حَالٍ.

قَالَ الإِمَامُ الطَّبَرِيُّ Object فِي تَفْسِيرِهِ: "وَذُكِرَ أَنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِم قَومٌ مِنْ قَومُ الفِتْيَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُم: كَانَ الحِزْبَانِ جَمِيعًا كَافِرِينِ. وَقَالَ بَعْضُهُم: بَلْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا، وَالآخَرُ كَافِرًا". قُلْتُ: وَيَدُلُّ لَهُ مَا أَثْبَتْنَاهُ" (٢).

٣ - دَعْوَى أَنَّهُم مُسْلِمُونَ؛ لَيسَتْ ثَابِتَةٌ، بَلْ مُخْتَلَفٌ فِيهَا عِنْدَ المُفَسِّرِينَ.

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ Object: "حَكَى ابْنُ جَرِيرٍ فِي القَائِلِينَ ذَلِكَ قَولَينِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُم المُسْلِمُونَ مِنْهُم. الثَّانِي: أَنَّهُم أَهْلُ الشِّرْكِ مِنْهُم. فَاللهُ أَعْلَمُ (٣).

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِينَ قَالوُا ذَلِكَ هُمْ أَصْحَابُ الكَلِمَةِ وَالنُّفُوذِ، وَلَكِنْ هُمْ مَحْمُودُونَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ النَّبِيَّ Object قَالَ: ((لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ


(١) فَتْحُ البَارِي لِابْنِ رَجَب (٣/ ١٩٣).
(٢) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ (١٧/ ٦١٣).
(٣) وَقَالَ القُرْطُبِيُّ Object فِي تَفْسِيرِهِ (١٠/ ٣٥١): " ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ﴾ -أَهْلُ السُّلْطَانِ وَالمُلْكِ مِنْهُم-: لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيهِم مَسْجِدًا".
وَقَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ Object: "فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا عَلَى أَهْلِ الكَهْفِ مَسْجِدًا كَانُوا مِن النَّصَارَى الَّذِينَ لَعَنَهُمُ النَّبِيُّ Object حَيثُ قَالَ: ((لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِم مَسَاجِدَ)) وَفِي رِوَايَةٍ ((وَالصَّالِحِينَ)) ". الاسْتِغَاثَةُ فِي الرَّدِّ عَلَى البَكْرِيِّ (ص ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>