للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَائِلُ عَلَى البَابِ

- مَسْأَلَةٌ: كَيفَ الجَمْعُ بَينَ حَدِيثِ: ((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي)) وَبَينَ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ [البَقَرَة: ١١٤]، وَقَولِهِ: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ [الأَنْعَام: ٢١] وَغَيرِ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّ فِعْلًا مَا هُوَ الأَظْلَمُ؟

الجَوَابُ مِنْ أَوجُهٍ:

١ - أَنَّهَا جَمِيعَهَا مَرَدُّهَا إِلَى شَيءٍ وَاحِدٍ؛ وَهُوَ الشِّرْكُ بِاللهِ تَعَالَى (١).

٢ - أَنَّهَا مُشْتَرِكَةٌ فِي الأَظْلَمِيَّةِ، أَي أَنَّهَا فِي مُسْتَوًى وَاحِدٍ فِي كَونِهَا فِي قِمَّةِ الظُّلْمِ.

٣ - أَنَّ الأَظْلَمِيَّةَ فِي النُّصُوصِ نِسْبِيَّةٌ. أَي: لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِمَّنْ فَعَلَ كَذَا بِالنِّسْبَةِ لِنَوعِ هَذَا العَمَلِ لَا فِي كُلِّ شَيءٍ.

فَيُقَالُ مَثَلًا: وَمَنْ أَظْلَمُ -فِي مُشَابَهَةِ أَحَدٍ فِي صُنْعِهِ- مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِ اللهِ؟

وَمَنْ أَظْلَمُ -فِي مَنْعِ حَقٍّ- مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ؟

وَمَنْ أَظْلَمُ -فِي افْتِرَاءِ كَذِبٍ- مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا؟ (٢)


(١) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الفَتْحِ (١٠/ ٣٨٣): "وَقَدِ اسْتُشْكِلَ كَونُ المُصَوِّرِ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا مَعَ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ﴾ [غَافِر: ٤٦]؛ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ المُصَوِّرُ أَشَدَّ عَذَابًا مِنْ آلِ فِرْعَونَ! وَأَجَابَ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّ المُرَادَ هُنَا مَنْ يُصَوِّرُ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ -وَهُوَ عَارِفٌ بِذَلِكَ قَاصِدٌ لَهُ- فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِذَلِكَ؛ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُدْخَلَ مُدْخَلَ آلِ فِرْعَونَ، وَأَمَّا مَنْ لَا يَقْصِدُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَاصِيًا بِتَصْوِيرهِ فَقَطْ".
(٢) يُنْظَرُ: (العَذْبُ النَّمِير) لِلشّنْقِيطِي (٣/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>