للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْحُ

- هَذَا البَابُ يَصْلُحُ أَنْ يُسَمَّى (بَابَ مَنْ تَعَلَّقَ بِالمَلَائِكَةِ) حَيثُ تَعَلَّقَ المُشْرِكُونَ بِهِم لِحُصُولِ الشَّفَاعَةِ.

- مُنَاسَبَةُ الآيَةِ لِلتَّوحِيدِ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ تَعَالَى مُنْفَرِدًا فِي العَظَمَةِ وَالكِبْرِيَاءِ؛ فَيَجِبُ أَنْ يُفْرَدَ بِالعِبَادَةِ، فَلَا يُجْعَلَ وَسَائِطَ بَينَهُ وَبَينَ خَلْقِهِ؛ لَا مَلَكًا مُقَرَّبًا وَلَا نَبِيًّا مُرْسَلًا.

- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ فِي قِرَاءَةٍ (فُرِّغَ عَنْ) (١)، وَمَعْنَاهُ ذَهَبَ عَنْ قُلُوبِ المَلَائِكَةِ مَا حَلَّ فِيهَا مِنَ الفَزَعِ (٢)، وَالفَزَعُ هُوَ الخَوفُ المُفَاجِئُ.

- سِيَاقُ الآيَةِ الكَرِيمَةِ هُوَ ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [سَبَأ: ٢٢ - ٢٣].

- فِي البَابِ بَيَانُ حَالِ المَلَائِكَةِ عِنْدَ رَبِّهَا وَإشْفَاقِهَا مِنْ خَشيَتِهِ، وَعَلَيهِ فَلَا يَصِحُّ التَّعَلُّقُ بِهِم دُونَ اللهِ تَعَالَى بِحُجَّةِ الشَّفَاعَةِ!

كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُم: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ


(١) البُخَارِيُّ (٤/ ١٧٣٧).
(٢) قَالَ الجَوهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ (٣/ ١٢٥٨): "الإِفْزَاعُ: الإِخَافَةُ، وَفُزِّعَ عَنْهُ: أَي: كُشِفَ عَنْهُ الخَوفُ، وَمِنْهُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ أَي: كُشِفَ عَنْهَا الفَزَعُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>