للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَائِلُ عَلَى البَابِ

- المَسْأَلَةُ الأُولَى: هَلْ يَصِحُّ قَولُ: مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا، أَو بِسَعْدِ السُّعُودِ -عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّهُ وَقْتٌ لِذَلِكَ-؟

الجَوَابُ:

مِنْ جِهَةِ المَعْنَى: يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ البَاءَ هِيَ ظَرْفِيَّةٌ؛ وَلَيسَتْ سَبَبيَّةً، فَيَكُونُ المَعْنَى مُطِرْنَا فِي وَقْتِ ظُهُورِ نَوءِ كَذَا، أَو مُطِرْنَا فِي وَقْتِ دُخُولِ سَعْدِ السُّعُودِ.

وَلَكِنْ مِنْ جِهَةِ الاسْتِعْمَالِ: يُخْشَى عِنْدَ اسْتِعْمَالِهَا أَنْ تُفهمَ عَلَى غَيرِ هَذَا المُرَادِ، خَاصَّةً وَقَدْ شَاعَ اسْتِخْدَامُهَا عِنْدَ العَرَبِ فِي الجَاهِلِيَّةِ بِنَفْسِ اللَّفْظِ وَلَكِنْ بِالمَعْنَى الفَاسِدِ، لِذَلِكَ فَالأَولَى تَرْكُهَا مِنْ بَابِ سَدِّ الذّرَائِعِ، وَالاسْتِعَاضَةُ عَنْهَا بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ: (فِي وَقْتِ كَذَا) الدَّالِ عَلَى الظَّرْفيَّةِ بِشَكْلٍ أَصْرَحَ (١).

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ : "وَأَعْلَى مَا وَقَفْتُ عَلَيهِ مِنْ ذَلِكَ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ، قَالَ فِي (الأُمِّ) (٢): مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا -عَلَى مَا كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الشِّرْكِ يَعْنُونَ مِنْ إِضَافَةِ المَطَرِ إِلَى أَنَّهُ مَطَرُ نَوءِ كَذَا- فَذَلِكَ كُفْرٌ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ، لِأَنَّ النَّوءَ وَقْتٌ؛ وَالوَقْتَ مَخْلُوقٌ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيرِهِ شَيئًا، وَمَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا -عَلَى مَعْنَى مُطِرْنَا فِي وَقْتِ كَذَا- فَلَا يَكُونُ كُفْرًا، وَغَيرُهُ مِنَ الكَلَامِ أَحَبُّ إِلَيَّ


(١) هَذَا وَإِنْ كُنَّا نَنْهَى عَنِ اسْتِخْدَامِ اللَّفْظِ المُشْتَبِهِ؛ فَلَسْنَا نَغْفَلُ عَنِ التَّنْبِيهِ دَومًا إِلَى كَونِ ذَلِكَ تَقْدِيرًا وَنِعْمَةً مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَضَرُورَةِ التَّذْكِيرِ بِذَلِكَ أَمَامَ العَامَّةِ.
(٢) الأُمُّ (١/ ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>