للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالدِّينِ، أَي بِنِعْمَةِ اللهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: (مَا مُطِرَ قَومٌ قَطُّ إِلَّا أَصْبَحَ بَعْضُهُم كَافِرًا، يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذا وَكَذا. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾) (١)، وَهَذَا الوَجْهُ هُوَ المَقْصُودُ فِي البَابِ.

وَقَالَ الإِمَامُ القُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾: "بَيَانُ أَنَّ مَا أَصَابَ العِبَادَ مِنْ خَيرٍ؛ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرَوهُ مِن قِبَلِ الوَسَائِطِ الَّتِي جَرَتِ العَادَةُ بِأَنْ تَكُن أَسْبَابًا! بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَرَوهُ مِنْ قِبَلِ اللهِ تَعَالَى، ثُمَّ يُقَابِلُونَه بِشُكْرٍ -إِنْ كَانَ نِعْمَةٌ-، أَو صَبْرٍ -إِنْ كَانَ مَكْرُوهًا- تَعَبُّدًا لَهُ وَتَذَلُّلًا" (٢).

- (القُرْآنُ الكَرِيمُ)؛ الكَرِيمُ فِيهِ مَعْنَيَانِ:

١ - الحَسَنُ البَهِيُّ: وَهَذَا كَمَالٌ فِي ذَاتِهِ (٣).

٢ - الكَثِيرُ العَطَاءِ: وَهَذَا كَمَالٌ فِي العَطَاءِ.

- قَولُهُ: ﴿كِتَابٍ مَكْنُونٍ﴾ (٤): اخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ فِي هَذَا الكِتَابِ عَلَى قَولَينِ:

الأَوَّلُ: أَنَّهُ اللَّوحُ المَحْفُوظُ الَّذِي كَتَبَ اللهُ فِيهِ كُلَّ شَيءٍ.

الثَّانِي: أَنَّهُ الصُّحُفُ الَّتِي فِي أَيدِي المَلَائِكَةِ.


(١) رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي التَّفْسِيرِ (٢٣/ ١٥٤)، وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِير فِي التَّفْسِيرِ (٧/ ٥٤٦): "إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ".
(٢) تَفْسِيرُ القُرْطُبِيِّ (١٧/ ٢٢٨).
(٣) وَمِنْهُ قَولُهُ فِي حَدِيثِ إِرْسَالِ مُعَاذٍ إِلَى اليَمَنِ: ((إِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِم))، وَقَدْ سَبَقَ.
(٤) المَكْنُونُ: المَحْفُوظُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>