للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي التَّفَاسِيرِ كَثِيرٌ مِنَ الرِّوَايَاتِ حَولَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا جَرَى مَعَهُمَا مِنْ إِنْزَالِهِمَا وَافْتِتَانِهِمَا بِالمَرْأَةِ وَتَوبَتِهِمَا، وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيءٌ مَرْفُوعًا، بَلْ أَقْصَى مَا قَدْ يَصِحُّ مِنْهَا هُوَ مَوقُوفٌ مَنْقُولٌ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

وَمِمَّا اشْتُهِرَ هُنَا الحَدِيثُ المَوضُوعُ: (لَعَنَ رَسُولُ اللهِ الزُّهْرَةَ؛ فَإِنَّهَا فَتَنَتِ المَلَكَينِ) (١).

وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ : "وَحَاصِلُهَا رَاجِعٌ فِي تَفْصِيلهَا إِلَى أَخْبَار بَنِي إِسْرَائِيل؛ إِذْ لَيسَ فِيهَا حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ مُتَّصِلُ الإِسْنَادِ إِلَى الصَّادِقِ المَصْدُوقِ المَعْصُومِ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى، وَظَاهِرُ سِيَاقِ القُرْآنِ إِجْمَالُ القِصَّةِ مِنْ غَيرِ بَسْطٍ وَلَا إِطْنَابٍ فِيهَا، فَنَحْنُ نُؤْمِنُ بِمَا وَرَدَ فِي القُرْآنِ عَلَى مَا أَرَادَهُ اللهُ تَعَالَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الحَالِ" (٢).

وَقَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "قُلْتُ: وَقَدْ زَعَمَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ دَومَةِ الجَنْدَلِ أَنَّهَا رَأَتْهُمَا مُعَلَّقَينِ بِأَرْجُلِهِمَا بِبَابِلٍ (٣)، وَأَنَّهَا تَعَلَّمَتْ مِنْهُم السِّحْرَ-وَهُمَا فِي هَذِهِ الحَالِةِ- فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ حَكَتْهَا لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا؛ رَوَاهَا ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَائِشَةَ، وَلَكِنَّ المَرْأَةَ مَجْهُولَةٌ فَلَا يُوثَقُ بِخَبَرِهَا، وَقَدْ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: إِنَّهُ أَثَرٌ غَرِيبٌ وَسِيَاقٌ عَجِيبٌ" (٤).


(١) مَوضُوعٌ. ابْنُ السُّنِّيِّ (ص ٦٠٤) عَنْ عَلِيٍّ . الضَّعِيفَةُ (٩١٣).
(٢) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِيرٍ (١/ ٣٢).
(٣) يَعْنِي: هَارُوتَ وَمَارُوتَ.
(٤) الضَّعِيفَةُ (٩١٣).
وَ (دَومَةُ الجَنْدَلِ): اسْمُ مَوضِعٍ فَاصِلٍ بَينَ الشَّامِ وَالعِرَاقِ. عُمْدَةُ القَارِي (٤/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>