للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَائِلُ عَلَى البَابِ

- المَسْأَلَةُ الأُولَى: مَا حُكْمُ أَخْذِ المَالِ عَلَى بَعْضِ الوَظَائِفِ الدِّينيَّةِ؛ كَإِمَامَةِ المَسْجِدِ، وَالتَّدْرِيسِ الشَّرْعِيِّ، وَتَعْلِيمِ القُرْآنِ وَمَا أَشْبَهَ؟

الجَوَابُ:

لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ عَلَى أَنَّهُ أَجْرٌ عَلَى العِبَادَةِ، وَلَكِنْ يَجُوزُ مِنْ بَابِ الإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ وَالتَّعْوِيضِ لَهُ عَنِ اشْتِغَالِهِ بِالأُمُورِ النَّافِعَةِ لِلمُسْلِمِينَ حَيثُ تَعَطَّلَ عَنْ كَسْبِ القُوتِ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَالفَرْقُ بَينَهُمَا ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ النِّيَّةِ، وَيَزِيدُ وُضُوحًا أَيضًا فِيمَا لَو لَمْ يُعْطَ الأُجْرَةَ عِنْدَ اكْتِفَائِهِ؛ فَهَلْ سَيَبْقَى عَلَى عَمَلِهِ السَّابِقِ؟

وَفِي الحَدِيثِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ؛ قَالَ: عَلَّمْتُ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الكِتَابَ وَالقُرْآنَ، فَأَهْدَى إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوسًا، فَقُلْتُ: لَيسَتْ بِمَالٍ؛ وَأَرْمِي عَنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﷿، لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ فَلَأَسْأَلَنَّهُ، فَأَتَيتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ رَجُلٌ أَهْدَى إِلَيَّ قَوسًا مِمَّنْ كُنْتُ أُعَلِّمُهُ الكِتَابَ وَالقُرْآنَ -وَلَيسَتْ بِمَالٍ؛ وَأَرْمِي عَنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ-؟ قَالَ: ((إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَوَّقَ طَوقًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا)) (١). فَالحَدِيثُ هُنَا صَرِيحٌ فِي النَّهْي عَنْ أَخْذِ مُقَابِلٍ عَلَى تَعْلِيمِ القُرْآنِ.

وَفِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ مَرْفُوعًا: ((اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَلَا تَغْلُوا فِيهِ، وَلَا تَجْفُوا عَنْهُ، وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ، وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ)) (٢). وَالحَدِيثُ هُنَا أَيضًا صَرِيحٌ فِي النَّهْي عَنِ التَّأَكُّلِ بالقُرْآنِ.


(١) صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٣٤١٦)، صَحِيحُ أَبِي دَاوُدَ (٣٤١٦).
(٢) صَحِيحٌ. مُسْنَدُ أَحْمَد (١٥٥٢٩). صَحِيحُ الجَامِعِ الصَّغِيرِ (١١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>