للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا: ((بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالدِّينِ وَالرِّفْعَةِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ؛ فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الآخِرَةِ لِلدُّنْيا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ)) (١).

وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: "وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لا يَشْتَرِطُ المُعَلِّمُ! إِلَّا أَنْ يُعْطَى شَيئًا فَلْيَقْبَلْهُ. وَقَالَ الحَكَمُ: لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا كَرِهَ أَجْرَ المُعَلِّمِ. وَأَعْطَى الحَسَنُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً" (٢).

وَأَورَدَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ -جَمْعًا بَينَ رِوَايَتَينِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ظَاهِرُهُمَا التَّعَارِضُ- وَجْهًا فِي الجَمْعِ: بِأَنَّ المَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ مَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ لَا مَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الهِبَةِ وَالهَدِيَّةِ، وَأَيَّدَهُ بِمَا سَلَفَ عَنِ الشَّعْبِيِّ (٣).

وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ جِهَةِ سَبَبِ أَخْذِ الأُجْرَةِ (٤)، فَإِنْ كَانَ السَّبَبُ نَفْسَ التَّعَبُّدِ بِالقِرَاءَةِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ هُوَ التَّعْلِيمَ وَتَقْدِيمَ المَنْفَعَةِ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ -وَكَذَا الرُّقْيَةُ-، كَمَا جَازَ فِي كَونِهِ عِوَضًا فِي قِصَّةِ الوَاهِبَةِ (٥).


(١) صَحِيحٌ. ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ (٤٠٥)، وَالحَاكِمُ (٤/ ٣٤٦). صَحِيحُ الجَامِعِ (٢٨٢٥).
(٢) البُخَارِي (٣/ ٩٢). وَلَفْظُ أَثَرِ الحَسَنِ فِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيبَةَ (٢٠٨٣٨): "لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى الْكِتَابَةِ أَجْرًا، وَكَرِهَ الشَّرْطَ".
(٣) فَتْحُ البَارِي (٤/ ٤٥٤).
(٤) كَمَا ذَهَبَ إِلَيهِ الشَّيخُ ابْنُ عُثَيمِين كَمَا فِي كِتَابِهِ (الشَّرْحُ المُمْتِعُ عَلَى زَادِ المُسْتَقْنِعِ) (١٠/ ٥٤).
(٥) وَالحَدِيثُ فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ (٥١٢١) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ؛ أَنَّ امْرَأَةً عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ زَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ: ((مَا عِنْدَكَ؟)) قَالَ: مَا عِنْدِي شَيءٌ! قَالَ: ((اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَو خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ))، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيئًا وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي وَلَهَا نِصْفُهُ -قَالَ سَهْلٌ: وَمَا لَهُ رِدَاءٌ-، فَقَالَ النَّبِيُّ : ((وَمَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؛ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيهَا مِنْهُ شَيءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيكَ مِنْهُ شَيءٌ))! فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ، فَرَآهُ
=

<<  <  ج: ص:  >  >>