للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَعَلَى كُلِّ حَالٍ؛ فَالاحْتِيَاطُ فِي هَذَا البَابِ هُوَ عَدَمُ أَخْذِ الأُجْرَةِ عَلَى التَّعْلِيمِ لِعُمُومِ وَصَرَاحَةِ أَحَادِيثِ النَّهْي إِلَّا مَا كَانَ مِن بَابِ الضَّرُورَةِ وَالإِعَانَةِ (١).

وَفِي مَسَائِلِ الإِمَامِ أَحْمَدَ : "سَمِعْتُ أَحْمَدَ؛ سُئِلَ عَنْ إِمَامٍ قَالَ لِقَومٍ: أُصَلِّي بِكُمْ رَمَضَانَ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا؟ قَالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ؛ مَنْ يُصَلِّي خَلْفَ هَذَا؟! " (٢) (٣).

وَأَمَّا الجَوَابُ عَنِ الاسْتِدْلَالِ بِقِصَّةِ الوَاهِبَةِ؛ فَهُوَ مِنْ أَوجُهٍ:

١ - أَنَّهُ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ ، كَمَا أَفَادَهُ الطَّحَاوِيُّ : "فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ كَانَ مِمَّا خَصَّهُ اللهُ ﷿ بِهِ، مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُمَلِّكَ غَيرَهُ مَا كَانَ لَهُ تَمَلُّكُهُ بِغَيرِ صَدَاقٍ" (٤).

٢ - أَنَّ هَذَا التَّعْلِيمَ كَانَ مِنْ بَابِ عَدَمِ القُدْرَةِ عَلَى غَيرِهِ فِي المَهْرِ؛ فَجَازَ فِي هَذِهِ الحَالَةِ (٥).


=
النَّبِيُّ فَدَعَاهُ -أَو دُعِيَ لَهُ- فَقَالَ لَهُ: ((مَاذَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟)) فَقَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا -لِسُوَرٍ يُعَدِّدُهَا- فَقَالَ النَّبِيُّ : ((أَمْلَكْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ)).
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ (١٤٢٥) أَنَّهُ قَالَ: ((انْطَلِقْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا؛ فَعَلِّمْهَا مِنَ الْقُرْآنِ))، وَفِيهِ صَرَاحَةُ كَونِ هَذَا التَّعْلِيمِ عِوَضًا عَنِ المَهْرِ، إِلَّا أَنَّهُ يُمْكِنُ الجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا سَيَأْتِي.
(١) انْظُرْ أَشْرِطَةَ فَتَاوَى سِلْسِلَةِ الهُدَى وَالنُّورِ لِلْأَلْبَانِيِّ (شَرِيط ١٧١).
(٢) مَسَائِلِ الإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ (ص ٩١).
(٣) وَفِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ (٢٠٩) "عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي العَاصِ؛ قَالَ: إِنَّ مِنْ آخِرِ مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ : أَنْ ((اتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا)). حَدِيثُ عُثْمَانَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ كَرِهُوا أَنْ يَأْخُذَ المُؤَذِّنُ عَلَى الأَذَانِ أَجْرًا، وَاسْتَحَبُّوا لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَحْتَسِبَ فِي أَذَانِهِ". وَالحَدِيثُ صَحِيحٌ كَمَا فِي صَحِيحِ الجَامِعِ (١٤٨٠).
(٤) شَرْحُ مَعَانِي الآثَارِ (٣/ ١٨).
(٥) انْظُرِ المَنْتَقَى شَرْحُ المُوَطَّأِ (٣/ ٢٧٧) لِلبَاجِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>