للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَائِلُ عَلَى البَابِ

- المَسْأَلَةُ الأُولَى: قَدْ شَفَعَ النَّبِيُّ فِي عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَمَا الجَوَابُ؟

الجَوَابُ هُوَ مِنْ وَجْهَينِ:

١ - إِنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ خَاصَّةٌ بِالنَّبِيِّ مِنْ جِهَةٍ، وَبِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى (١).

فَحَتَّى إِبْرَاهِيمَ لَمْ تَنْفَعْ شَفَاعَتُهُ لِأَبِيهِ، كَمَا فِي البُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا: ((يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَومَ القِيَامَةِ -وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ-، فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي؟! فَيَقُولُ أَبُوهُ: فَاليَومَ لَا أَعْصِيكَ. فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِيَ يَومَ يُبْعَثُونَ، فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الأَبْعَدِ؟! فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: إِنِّي حَرَّمْتُ الجَنَّةَ عَلَى الكَافِرِينَ. ثُمَّ يُقَالُ: يَا إِبْرَاهِيمُ؛ مَا تَحْتَ رِجْلَيكَ؟ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ)) (٢).


(١) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي التَّفْسِيرِ: (٢/ ٣٠٥): "وَقَدْ يَكُونُ هَذَا خَاصًّا بِأَبِي طَالِبٍ مِنْ دُونِ الْكَفَّارِ، بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيالسِيّ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ الْمُؤْمِنَ حَسَنَةً، يُثَابُ عَلَيهَا الرِّزْقَ فِي الدُّنْيَا ويُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، فَإِذَا كَانَ يَومُ الْقِيَامَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ)).
قُلْتُ: وَالحَدِيثُ هَذَا رَوَاهُ الطَّيَالِسِيُّ (٢١٢٣)، وَهُوَ بِنَحْوِهِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (٢٨٠٨).
(٢) البُخَارِيُّ (٣٣٥٠).
وَالذّيخُ: ذَكَرُ الضَّبْعِ الكَثِيرُ الشَّعْرِ؛ حَيثُ أُرِيَ إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ عَلَى غَيرِ هَيئَتِهِ وَمَنْظَرِهِ لِيَسْرُعْ إِلَى التَّبَرُّءِ مِنْهُ.
وَقَولُهُ: (مُلْتَطِخٌ) أَي: مُتَلَوّثٌ بِالدَّمِ وَنَحْوِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>