للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ)). مُسْلِمٌ (١).

قِصَّةٌ فِيهَا عِبْرَةٌ:

نَقَلَ ابْنُ الجَوزِيِّ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ؛ قَالَ: "كَانَتْ شَجَرَةٌ تُعْبَدُ مِن دُونِ اللَّهِ، فَجَاءَ إِلَيهَا رَجُلٌ فَقَالَ: لَأَقْطَعَنَّ هَذِهِ الشَّجَرَةَ، فَجَاءَ لِيَقْطَعَهَا -غَضَبًا للهِ-، فَلَقِيَهُ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ إِنْسَانٍ، فَقَالَ: مَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أَقْطَعَ هَذِهِ الشَّجَرَةَ الَّتِي تُعْبَدُ مِن دُونِ اللَّهِ! قَالَ: إِذَا أَنْتَ لَمْ تَعْبُدْهَا؛ فَمَا يَضُرُّكَ مَن عَبَدَهَا؟! قَالَ: لَأَقْطَعَنَّهَا. فَقَالَ لَهُ الشَّيطَانُ: هَلْ لَكَ فِيمَا هُوَ خَيرٌ لَكَ؟ لَا تَقْطَعْهَا وَلَكَ دِينَارَانِ كُلَّ يَومٍ إِذَا أَصْبَحْتَ عِنْدَ وِسَادَتِكَ. قَالَ: فَمِن أَينَ لِي ذَلِكَ؟ قَالَ: أَنَا لَكَ. فَرَجَعَ فَأَصْبَحَ؛ فَوَجَدَ دِينَارَين عِنْدَ وِسَادَتِهِ، ثُمَّ أَصْبَحَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ فَلَمْ يَجِدْ شَيئًا! فَقَامَ غَضَبًا لِيَقْطَعَهَا، فَتَمَثَّلَ لَهُ الشَّيطَانُ فِي صُورَتِهِ، وَقَالَ: مَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ قَطْعَ هَذِهِ الشَّجَرَةَ الَّتِي تُعْبَدُ مِن دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: كَذَبْتَ، مَا لَكَ إِلَى ذَلِكَ مِن سَبِيلٍ! فَذَهَبَ لِيَقْطَعَهَا؛ فَضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ وَخَنَقَهُ حَتَّى كَادَ يَقْتُلَهُ، قَالَ: أَتَدْرِي مَن أَنَا؟ أَنَا الشَّيطَانُ، جِئْتَ أَوَّلَ مَرَّةٍ غَضَبًا؛ فَلَمْ يَكُن لِي عَلَيكَ سَبِيلٌ؛ فَخَدَعْتُكَ بِالدِّينَارَينِ؛ فَتَرَكْتَهَا، فَلَمَّا جِئْتَ غَضَبًا لِلدِّينَارَينِ سُلِّطْتُ عَلَيكَ" (٢).

قُلْتُ: وَهُوَ مِصْدَاقُ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا﴾ [الإِسْرَاء: ٦٥]، وَقَولِهِ: ﴿إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ [النَّحْل: ١٠٠] (٣).


(١) مُسْلِمٌ (٢٦٢٢).
(٢) تَلْبِيسُ إِبْلِيسَ (ص ٣٠).
(٣) يُنْظَرُ: (النُّبُوَّات) لِابْنِ تَيمِيَّةَ (٢/ ١٠١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>