يَفْعَلُ بِهِ غَيرُهُ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْهُ لِأَجْلِ تَمَامِ التَّوَكُّلِ، وَلَيسَ فِي وُقُوعِ ذَلِكَ مِنْ جِبْرِيلَ ﵇ دِلَالَةٌ عَلَى المُدَّعَى، وَلَا فِي فِعْلِ النَّبِيِّ ﷺ لَهُ أَيضًا دِلَالَةٌ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ التَّشْرِيعِ وَتَبْيِينِ الأَحْكَامِ)! كَذَا قَالَ هَذَا القَائِلُ.
وَهُوَ خَطَأٌ مِن وُجُوهٍ:
الأَوَّلُ: أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا إِلَّا بِحَمْلِهَا عَلَى وُجُوهٍ لَا يَصِحُّ حَمْلُهَا عَلَيهَا! كَقَولِ بَعْضِهِم: المُرَادُ ((لَا يَرْقُونَ)) بِمَا كَانَ شِرْكًا أَوِ احْتَمَلَهُ! فَإِنَّهُ لَيسَ فِي الحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا أَصْلًا!
وَأَيضًا؛ فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ لِلْسَبْعِينَ مَزِيَةٌ عَلَى غَيرِهِم؛ فَإِنَّ جُمْلَةَ المُؤْمِنِينَ لَا يَرْقُونَ بِمَا كَانَ شِرْكًا!
الثَّانِي: قَولُهُ: فَكَذَا يُقَالُ … إِلخ. لَا يَصِحُّ هَذَا القِيَاسُ؛ فَإِنَّهُ مِنْ أَفْسَدِ القِيَاسِ، وَكَيفَ يُقَاسُ مَنْ سَأَلَ وَطَلَبَ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْأَلْ؟! مَعْ أَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ وُجُودِ الفَارِقِ الشَّرْعِيِّ، فَهُوَ فَاسِدُ الاعْتِبَارِ لِأَنَّهُ تَسْوِيَةٌ بَينَ مَا فَرَّقَ الشَّارِعُ بَينَهُمَا بِقَولِهِ: ((مَنِ اكْتَوَى أَوِ اسْتَرْقَى؛ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ التَّوَكُّلِ)) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَاجَه، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالحَاكِمُ أَيضًا.
وَكَيفَ يُجْعَلُ تَرْكُ الإِحْسَانِ إِلَى الخَلْقِ سَبَبًا لِلْسَبْقِ إِلَى الجِنَانِ؟! وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ رَقَى أَوْ رُقِيَ مِنْ غَيرِ سُؤَالٍ؛ فَقَدْ رَقَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ ﷺ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ ﵇ لَمْ يَكُنْ مُتَوَكِّلاً فِي تِلْكَ الحَالِ!
الثَّالِثُ: قَولُهُ: (لَيسَ فِي وُقُوعِ ذَلِكَ مِنْ جِبْرِيلَ ﵇ … إِلَخ؛ كَلَامٌ غَيرُ صَحِيحٍ، بَلْ هُمَا سَيِّدَا المُتَوَكِّلِينَ؛ فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُمَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ؛ فَاعْلَمْ ذَلِكَ" (١).
(١) تَيسِيرُ العَزِيزِ الحَمِيدِ (ص ٨٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute