للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَلْقَ أَوِ الضُّرَّ أَوِ النَّفْعَ! قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [العَنْكَبُوت: ٦١].

وَتَأَمَّلِ التَّعْبِيرَ بِـ (مَنْ) الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ المَدْعُوَّ مِنْ دُونِ اللهِ عَاقِلٌ وَلَيسَ بِجَمَادٍ أَصَمَّ فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾ [الأَحْقَاف: ٥].

٢ - إِنَّ شِرْكَ المُشْرِكِينَ أَصْلًا هُوَ فِي دُعَاءِ الصَّالِحِينَ وَالاسْتِغَاثَةِ وَالاسْتِشْفَاعِ بِهِم عِنْدَ رَبِّهِم، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يُونُس: ١٨].

٣ - إِنَّ إِثْبَاتَ الشَّفَاعَةِ لَا يَعْنِي إِثْبَاتَ النَّفْعِ مِنَ النَّبِيِّ لِلنَّاسِ -مِنْ جِهَةِ أَمْرِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ طَبْعًا؛ وَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيهِ إِلَّا اللهُ-! وَإِنَّمَا هُوَ سَبَبٌ جَعَلَهُ اللهُ لِرَحْمَةِ مَنْ رَضِيَ عَنْهُ، وَتَأَمَّلْ قَولَ النَّبِيِّ لِابْنَتِهِ: ((يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ: سَلِينِي بِمَا شِئْتِ؛ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيئًا)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (١).

وَتَأَمَّلْ قَولَهُ تَعَالَى: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ [النَّجْم: ٢٦]، وَكَقَولِهِ تَعَالَى أَيضًا: ﴿لَيسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيءٌ﴾ [آلِ عِمْرَان: ١٢٨].


(١) البُخَارِيُّ (٤٧٧١)، وَمُسْلِمٌ (٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>