قُلْتُ: وَلَا يُقَالُ هُنَا بِالتَّخْصِيصِ -بِأَنْ يَكُونَ العَامُّ الَّذِي يَشْمَلُ الرِّجالَ وَالنِّسَاءَ هُنَا مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ النَّهْي الَّذِي فِيهِ اللَّعْنُ لِلنِّسَاءِ-! وَذَلِكَ لِكَونِ العِلَّةِ مُشْتَرِكَةً فِي الحَالَتَينِ جَمِيعًا، فَمَا كَانَ سَبَبًا لِلمَنْعِ مِنَ الزِّيَارةِ أَوَّلًا هُوَ مَشْتَرَكٌ بَينَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، ثُمَّ لَمَّا أُبِيحَ أُبِيحَ لِعِلَّةٍ أَيضًا مُشْتَرَكَةٍ بَينَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ؛ وَهِيَ التَّذْكِيرُ بِالآخِرَةِ.قَالَ التِّرْمِذِيُّ ﵀ فِي السُّنَنِ (٢/ ٣٦٣) -عَقِبَ حَدِيثِ لَعْنِ الزَّوَّارَاتِ-: "وَقَدْ رَأَى بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُرَخِّصَ النَّبِيُّ ﷺ فِي زِيَارَةِ القُبُورِ، فَلَمَّا رَخَّصَ دَخَلَ فِي رُخْصَتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ).ب- أَنَّ حَدِيثَ نَهْي النِّسَاءِ -فِقْهًا- بَاقٍ عَلَى عُمُومِ النَّهْي مِنْ جِهَةِ الإِكْثَارِ مِنَ الزِّيَارَةِ، وَمَنْسُوخٌ مِنْ جِهَةِ مَنْعِ مُطْلَقِ الزِّيَارَةِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.(١) صَحِيحٌ. الحَاكِمُ (١٣٩٣) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٤٥٨٤).(٢) صَحِيحٌ. الحَاكِمُ (١٣٩٢)، وَالبَيهَقِيُّ فِي الكُبْرَى (٧٢٠٧). أَحْكَامُ الجَنَائِزِ (ص ١٨١).(٣) وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُم عَلَى المَنْعِ بِمَفْهُومِ حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ (١٠٥٥) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيكَةَ؛ قَالَ: تُوفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِـ (الحَبَشِيِّ) -مَكَانٌ بَينَهُ وَبَينَ مَكَّةَ اثْنَا عَشَرَ مِيلًا- فَحُمِلَ إِلَى مَكَّةَ فَدُفِنَ فِيهَا، فَلَمَّا قَدِمَتْ عَائِشَةُ أَتَتْ قَبْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَتْ -فِي جُمْلَةِ مَا قَالَتْ ﵂: (وَلَو شَهِدْتُكَ مَا زُرْتُكَ). فَفِيهِ ابْنُ جُرَيحٍ مُدَلِّسٌ؛ وَقَدْ عَنْعَنَهُ. ضَعِيفُ التِّرْمِذِيِّ (١٠٥٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute