للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾ [الأَحْقَاف: ٥].

وَتَأَمَّلْ كَيفَ أَنَّ عِيسَى قَدْ قَالَ لِقَومِهِ - فِي سِيَاقِ ذِكْرِ الآيَاتِ التِي أَتَى بِهَا - ﴿إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ [آلِ عِمْرَان: ٥١] الأَمْرَ الَّذِي يُفِيدُ أَنَّهُ وَإِيَّاهُم سَوَاءٌ فِي العُبُودِيَّةِ للهِ وَالخُضُوعِ لَهُ تَعَالَى، وَقَدْ عُلْمَ قَولُهُ : ((الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ)) (١).

٣ - أَنَّ كَونَ عِيسَى حَيًّا -قَدْ رَفَعَهُ اللهُ تَعَالَى- لَا يَعْنِي أَنَّهُ عَالِمٌ بِمَا هُوَ حَالُ النَّاسِ فِي الأَرْضِ وَأَنَّهُ يَسْمَعُهُم!

وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَكُنْتُ عَلَيهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ﴾ [المَائِدَة: ١١٧]، فَهُوَ غَائِبٌ وَلَيسَ بِحَاضِرٍ.

وَتأَمَّلْ حَدِيثَ: ((أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوضِ، وَلأُنازعَنَّ أقْوَامًا ثمَّ لَأُغْلَبَنَّ عَلَيهِمْ فأَقُولُ: يَا رَبِّ؛ أَصْحَابِي أَصْحَابِي! فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ)) (٢).

٤ - أَنَّ عِيسَى لَمْ يَمْلِكْ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا عِنْدَمَا أَرَادَ قَومُهُ قَتْلَهُ؛ فَكَيفَ يَمْلِكُ لِغَيرِهِ نَفْعًا أَو ضَرًّا؟!

بَلْ حَتَّى النَّبِيَّ قَالَ تَعَالَى عَنْهُ: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [الأَعْرَاف: ١٨٨].

وَقَدْ نَهَى اللهُ تَعَالَى عَنْ دُعَاءِ غَيرِهِ فَقَالَ: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ


(١) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (١٨٤٣٦) عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٣٤٠٧).
(٢) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٦٥٧٦)، وَمُسْلِمٌ (٢٢٩٧) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>