للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [الصَّف: ٩]، وَهَذَا الظَّنُّ أَيضًا تَكْذِيبٌ لِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غَافِر: ٥١]، وَلَا رَيبَ أَنَّ التَّكْذِيبَ لِوَعْدِ اللهِ كُفْرٌ.

٢ - أَنَّ مَا أَصَابَهُم لَمْ يَكُنْ بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ! فَهُوَ إِنْكَارٌ لِلقَدَرِ، وَهَذَا رَدٌّ لِرُكْنِ الإِيمَانِ السَّادِسِ.

٣ - إِنْكَارُهُم لِلحِكْمَةِ! وَهَذَا أَيضًا كُفْرٌ بِاللهِ وَضَلَالٌ، فَمَنْ أَنْكَرَهَا كَفَرَ بِاسْمِ اللهِ الحَكِيمِ، وَمَنْ أَوَّلَهَا فَقَدْ ضَلَّ.

- لَا يَسْلَمُ مِنْ ظَنِّ السَّوءِ بِاللهِ إِلَّا مَنْ عَرَفَ اللهَ وَأَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ.

وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ؛ تَأَمُّلُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى: ((يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَأَمَّا الدِّينَ فَإِنَّهُ لَا يُعْطِيهِ إِلَّا لِمَنْ يُحِبُّ)) (١)، فَلَيسَ حُصُولُ الخَيرَاتِ أَوِ المَصَائِبِ دَلِيلًا عَلَى المَحَبَّةِ أَو عَلَى البُغْضِ وَالكَرَاهَةِ! وَإنَّمَا هُوَ ابْتِلَاءٌ وَامْتِحَانٌ، فَقَدْ يَبْتَلِي اللهُ مَنْ يُحِبُّهُ بما يَسُوءُهُ، وَقَدْ يُنْعِمُ عَلَى مَنْ يُبْغِضُهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [آل عِمْرَان: ١٧٨].

وَكَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ﴾ [الفَجْر: ١٥ - ١٧].


(١) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٣٦٧٢) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٢٧١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>