للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَوْ غَيْرُهُ: هُوَ الرَّجُلُ تُصِيبُهُ المُصِيبَةُ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ" (١).

٢ - أَنَّ احْتِجَاجَ آدَمَ لَوْ كَانَ بِالقَدَرِ عَلَى وُقُوعِ المَعْصِيَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا حَرَجَ فِيهِ هُنَا لِأَنَّهُ احْتِجَاجٌ بَعْدَ التَّوبَةِ مِنْهَا وَلَيسَ مَعَ المَعْصِيَةِ! وَعَلِيهِ فَلَا إِشْكَالَ فِي الاحْتِجَاجِ بِالقَدَرِ لِأَنَّه لَا يُبَرِّرُ مُحَرَّمًا وَلَا يَمْنَعُ وَاجِبًا، وَهُوَ دَلِيلُ ضَعْفِ العَبْدِ وَافْتِقَارِهِ إِلَى رَبِّهِ فِي كُلِّ أَمْرِهِ حَتَّى فِي حِفْظِهِ مِنْ شَرِّ نَفْسِهِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

قَالَ الإِمَامُ ابْنُ القَيِّمِ : "وَقَدْ يَتَوَجَّهُ جَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الاحْتِجَاجَ بِالقَدَرِ عَلَى الذَّنْبِ يَنْفَعُ فِي مَوضِعٍ وَيَضُرُّ فِي مَوضِعٍ، فَيَنْفَعُ إِذَا احْتُجَّ بِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَالتَّوبَةِ مِنْهُ وَتَرْكِ مُعَاوَدَتِهِ -كَمَا فَعَلَ آدَمُ-، فَيَكُونُ فِي ذِكْرِ القَدَرِ إِذْ ذَاكَ مِنَ التَّوحِيدِ وَمَعْرِفَةِ أَسْمَاءِ الرَّبِّ وَصِفَاتِهِ وَذِكْرِهَا مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الذَّاكِرُ وَالسَّامِعُ، لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ بِالقَدَرِ أَمْرًا وَلَا نَهْيًا وَلَا يُبْطِلُ بِهِ شَرِيعَةً! بَلْ يُخْبِرُ بِالحَقِّ المَحْضِ عَلَى وَجْهِ التَّوحِيدِ وَالبَرَاءَةِ مِنَ الحَولِ وَالقُوَّةِ" (٢).


(١) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (٨/ ٣١٩).
قُلْتُ: وَأَمَّا الأَثَرُ الأَخِيرُ؛ فَفِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ (٢٣/ ١٢) عَنْ عَلْقَمَةَ.
(٢) شِفَاءُ العَلِيلِ (ص ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>